كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة السعودي: المفهوم، الأهداف، المحظورات

نظام المنافسة السعودي

اهم العناويين

يُعد نظام المنافسة السعودي أحد الركائز القانونية الأساسية التي تهدف إلى تحقيق العدالة في الأسواق، وتعزيز بيئة اقتصادية قائمة على المنافسة الحرة. ويُركِّز النظام على حماية المنافسة العادلة، وتشجيع الابتكار، وضمان توافر السلع والخدمات بأسعار تنافسية وجودة عالية. فعبر تحديد أحكام واضحة تُلزم المنشآت بالامتثال لقواعد السوق، يسهم النظام في خلق بيئة أعمال متوازنة تتيح فرصًا متساوية للجميع.

ويشمل نظام المنافسة السعودي عدة محاور أساسية، من أهمها: توضيح مفهوم المنافسة غير المشروعة؛ تلك الممارسات التي تهدف إلى الإخلال بالسوق وإعاقة دخول منشآت جديدة أو منع استمرارية المنافسين. كما يُحدِّد النظام الأنشطة والكيانات الخاضعة لأحكامه، بما في ذلك المنشآت الاقتصادية داخل المملكة وأي ممارسات خارجية ذات أثر مباشر على السوق المحلية. بالإضافة إلى ذلك، ينص النظام على قواعد واضحة لتحديد أسعار السلع والخدمات، ويضع إطارًا شفافًا يمنع التواطؤ والاتفاقيات الضارة بالمنافسة.

وأحد الجوانب المهمة في النظام هو تسليط الضوء على الممارسات المحظورة. فيُحظر، على سبيل المثال، الاتفاقيات التي تهدف إلى تثبيت الأسعار أو تقسيم الأسواق جغرافيًا، كما يُمنع حجب السلع والخدمات عن منشآت معينة أو التواطؤ في المناقصات. هذه القواعد الصارمة لا تهدف فقط إلى حماية السوق، بل تضمن أيضًا حماية المستهلكين وتوفير خيارات متنوعة تلبي احتياجاتهم.

كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة السعودي
كل ما تريد معرفته عن نظام المنافسة السعودي

أولًا: ما هو مفهوم المنافسة غير المشروعة؟

يمكن تعريف المنافسة غير المشروعة بأنها: أي ممارسة تجارية أو سلوك يصدر عن منشآت تهدف من خلاله إلى تحقيق ميزة غير مستحقة في السوق على حساب منافسيها، عبر انتهاك قواعد السلوك التجاري العادل. وتؤدي هذه الممارسات إلى الإخلال بتوازن السوق، وإضعاف المنافسة النزيهة التي تعد أساسًا لتحقيق بيئة تجارية شفافة وعادلة. ويتسم هذا النوع من المنافسة باستخدام وسائل وأساليب غير قانونية، مما يُلحق ضررًا بالمنافسين، أو المستهلكين، أو السوق بشكل عام.

ووفقًا للمادة الأولى من اللائحة التنفيذية لنظام المنافسة السعودي، فإن أي ممارسة يمكن أن يترتب عليها عقوبات أو تدابير منصوص عليها في المواد (19)، و (20)، و (21) من النظام تُعتبر ممارسة منافسة غير مشروعة. ويُظهر هذا التعريف رغبة المشرع في وضع إطار دقيق ومحدد للممارسات غير القانونية، بهدف تنظيم السوق وضمان الامتثال لمبادئ المنافسة العادلة.

 

ثانيًا: ما هي أهداف نظام المنافسة السعودي؟

يضع نظام المنافسة السعودي، بموجب المادة الثانية من النظام والمادة الثانية من اللائحة التنفيذية، أهدافًا واضحة تتمثل في:

ما هي أهداف نظام المنافسة السعودي؟
ما هي أهداف نظام المنافسة السعودي؟
  1. حماية المنافسة العادلة وتشجيعها:

     يهدف نظام المنافسة السعودي إلى الحفاظ على بيئة تنافسية صحية، مما يمنح المنشآت الصغيرة والمتوسطة فرصة متكافئة للتنافس مع الكيانات الأكبر. وهذا يضمن تنوعًا في الخيارات المتاحة أمام المستهلكين.

  1. مكافحة ومنع الممارسات الاحتكارية:

     يلتزم نظام المنافسة السعودي بمنع الممارسات التي تعرقل التنافس المشروع، مثل الاتفاقيات التي تُحد من حرية الأسواق، والاستغلال المفرط للمركز المهيمن.

  1. تحسين بيئة السوق:

     تعزيز كفاءة الأسواق من خلال ضمان توافر المنتجات والخدمات بجودة عالية وأسعار متنوعة، وتحفيز الابتكار والاستثمار لدعم الاقتصاد الوطني.

  1. تحقيق العدالة والشفافية:

     يسعى نظام المنافسة السعودي إلى ترسيخ مبدأ العدالة والشفافية في الأسواق، مما يخلق بيئة عمل تُمكّن المنشآت من التنافس بناءً على الجدارة والكفاءة، بدلاً من اللجوء إلى ممارسات غير قانونية.

 

ثالثًا: ما هي الأنشطة والكيانات التي تخضع لأحكام النظام؟

في إطار نظام المنافسة السعودي واللائحة التنفيذية له، حُددت الأنشطة والكيانات التي تخضع لأحكام النظام، موضحة بذلك نطاق تطبيقه من حيث المنشآت والتصرفات، سواءً داخل المملكة أم خارجها، والتي قد تؤثر على المنافسة داخل المملكة.

الأنشطة والكيانات الخاضعة لأحكام النظام:

  • جميع المنشآت داخل المملكة

تشمل أحكام نظام المنافسة السعودي جميع أنواع المنشآت التي تمارس أنشطة اقتصادية داخل المملكة. وقد جاء النص واضحًا وشاملًا ليغطي مجموعة واسعة من الكيانات والأنشطة، ومنها:

  • المؤسسات والشركات الممارسة للأنشطة الاقتصادية: سواء كانت هذه الكيانات سعودية أم أجنبية، وسواء كان الترخيص لها ساريًا أم منتهيًا، وسواء كانت تمارس النشاط الذي أُنشئت من أجله أم نشاطًا آخر.
  • الأفراد الممارسون للأنشطة الاقتصادية: ينطبق نظام المنافسة السعودي على أي فرد يمارس نشاطًا اقتصاديًا داخل المملكة، بغض النظر عن وجود ترخيص رسمي لممارسة ذلك النشاط أم لا.
  • الكيانات والتجمعات: تشمل جميع أنواع الكيانات والتجمعات عند ممارستها لأنشطة اقتصادية تؤثر على المنافسة.
  • المنصات والتطبيقات الإلكترونية: تغطي الأحكام المنصات والتطبيقات التي تمارس أنشطة تجارية إلكترونية داخل المملكة، سواء كانت مرخصة أم لا.
  • الممارسات ذات الأثر على المنافسة داخل المملكة:

لا تقتصر أحكام نظام المنافسة السعودي على الأنشطة والكيانات الموجودة فعليًا داخل حدود المملكة، بل تمتد لتشمل التصرفات والممارسات التي تحدث خارج المملكة إذا كانت ذات أثر مخل بالمنافسة داخل المملكة.

تقدير الأثر على المنافسة:

للهيئة العامة للمنافسة صلاحية تقدير ما إذا كانت الممارسات التي وقعت خارج المملكة ستؤثر بشكل حال أو محتمل على المنافسة داخل المملكة.

الإجراءات اللازمة لوقف الآثار الضارة:

يمكن للهيئة اتخاذ التدابير الضرورية لوقف الممارسات التي تحدث خارج المملكة وتؤثر على المنافسة في الداخل، سواء عبر التدخل المباشر أم طلب المساعدة من الجهات المختصة.

الاستثناءات من تطبيق أحكام النظام:

  • استثناء المؤسسات والشركات المملوكة بالكامل للدولة:

لا تُطبق أحكام نظام المنافسة السعودي واللائحة التنفيذية له على المؤسسات العامة أو الشركات المملوكة بالكامل للدولة إذا كانت مخولة وحدها بتقديم سلعة أو خدمة معينة بموجب أمر أو مرسوم ملكي أو قرار من مجلس الوزراء.

     وخارج هذا المجال المحدد، تخضع هذه المؤسسات والشركات لبقية أحكام النظام واللائحة.

  • الشراكات بين المنشآت المستثناة وغير المستثناة:

حتى إذا اشتركت المنشأة المستثناة مع أخرى غير مستثناة في مخالفة أحكام النظام (مثل المادة الخامسة)، فإن الأحكام تُطبَّق على المنشأة غير المستثناة.

 

  • التركز الاقتصادي:

لا تسري أحكام الإبلاغ عن التركز الاقتصادي على الأطراف المشاركة إذا كان الطرف المستحوِذ مستثنى وفقًا للضوابط المذكورة.

اختصاص الهيئة العامة للمنافسة في تطبيق النظام:

في حال وجود تعارض أو تداخل بين تطبيق أحكام نظام المنافسة السعودي وصلاحيات الأجهزة الحكومية الأخرى، تحتفظ الهيئة العامة للمنافسة بالاختصاص الأصيل في تطبيق أحكام النظام.

إحالة الوثائق للأجهزة المعنية:

إذا استدعت المصلحة ذلك، يمكن للهيئة إحالة الوثائق والمستندات إلى الأجهزة المختصة لإكمال الإجراءات المناسبة، مع الالتزام بسريتها.

 

 

رابعًا: كيف يتم تحديد أسعار السلع والخدمات وفقًا لأحكام نظام المنافسة السعودي؟

     يهدف نظام المنافسة السعودي إلى تعزيز المنافسة العادلة في السوق، مع احترام قواعد العرض والطلب. وأحد الجوانب الجوهرية التي ينظمها النظام هو مسألة تحديد أسعار السلع والخدمات، حيث ينص على المبادئ التي تحكم التسعير، ويحدد الحالات التي يمكن فيها للجهات المختصة التدخل لتحديد الأسعار. كما يضمن عدم استغلال هذه التدخلات في الإخلال بأحكام المنافسة العادلة.

  • المبدأ الأساسي لتسعير السلع والخدمات:

وفقًا لما جاء بالمادة الرابعة من نظام المنافسة السعودي والمادة السادسة من اللائحة، فإن القاعدة العامة التي تحكم التسعير هي ترك الأمر للسوق. بمعنى آخر، تُمنح المنشآت التجارية حرية تحديد أسعار منتجاتها وخدماتها بناءً على آليات العرض والطلب الطبيعية. وهذه الحرية تشجع المنافسة، حيث تسعى كل منشأة لتقديم منتجات بجودة أعلى وأسعار تنافسية لكسب الحصة السوقية.

 

  • الاستثناءات من حرية التسعير:

  • حالات التدخل الحكومي في التسعير:

يستثني نظام المنافسة السعودي من هذه الحرية بعض السلع والخدمات التي تُحدد أسعارها بناءً على قرار من مجلس الوزراء أو بموجب أنظمة أخرى. ويكون هذا التدخل في ظروف استثنائية أو محددة، تهدف إلى ضمان استقرار السوق وحماية المستهلكين من تقلبات الأسعار التي قد تؤثر سلبًا على احتياجاتهم الأساسية.

  • الضوابط الواردة في المادة السابعة من اللائحة:

حتى في الحالات التي يتم فيها تحديد الأسعار بقرار رسمي، فإن ذلك لا يمنح المنشآت الحق في تجاوز قواعد المنافسة العادلة. فنص المادة السابعة من اللائحة يؤكد أن تحديد الأسعار من الجهات المختصة لا يجيز للمنشآت إبرام اتفاقات مخالفة للنظام أو استغلال وضعها المهيمن على نحو يخل بمبادئ المنافسة. وهذا النص يحمي السوق من أي ممارسات قد تستخدم القرارات الرسمية كذريعة لتقييد المنافسة أو الإضرار بالمنافسين.

 

  • دور قوى السوق في تحديد الأسعار:

في ظل الحرية الممنوحة للمنشآت، تلعب قوى العرض والطلب الدور الرئيسي في تحديد الأسعار. وتؤثر عوامل عديدة على ذلك، منها:

  • التكلفة الإنتاجية: تؤثر تكلفة إنتاج السلع أو تقديم الخدمات بشكل مباشر على التسعير.
  • مستوى الطلب: كلما زاد الطلب على سلعة معينة مع ثبات العرض، ارتفع سعرها، والعكس صحيح.
  • حجم المنافسة في السوق: يساهم عدد المنافسين ونوعيتهم في دفع المنشآت لتقديم أسعار تنافسية وخدمات ذات جودة أعلى.

وبالتالي، فإن دور نظام المنافسة السعودي واللائحة التنفيذية يتركز في ضمان أن هذه العوامل تعمل في إطار من الشفافية والعدالة، دون تدخلات غير مبررة تؤدي إلى تشويه آليات السوق.

 

خامسًا: ما هي الممارسات المحظورة وفقًا لأحكام نظام المنافسة السعودي؟

حدد نظام المنافسة السعودي مجموعة من الممارسات المحظورة التي يُحظر على المنشآت ممارستها، سواء أكانت تلك الاتفاقيات مكتوبة أم شفهية، صريحة أم ضمنية، متى ما كان الهدف منها أو الأثر المترتب عليها الإخلال بالمنافسة.

  • مفهوم الممارسات المحظورة:

وفقًا لأحكام المادة الخامسة من نظام المنافسة السعودي والمادة الثامنة من اللائحة التنفيذية، يُقصد بالممارسات المحظورة تلك السلوكيات التي تؤدي إلى الإضرار بالمنافسة أو تقييدها أو عرقلة دخول منشآت جديدة إلى السوق. وتعتبر هذه الممارسات ذات أثر مباشر على المستهلكين والشركات الأخرى، حيث تؤثر على توافر السلع والخدمات، وتمنع التطور والابتكار، وتحد من قدرة السوق على العمل وفقًا لآليات العرض والطلب.

  • أنواع الممارسات المحظورة:

حدد نظام المنافسة السعودي واللائحة التنفيذية عددًا من الممارسات التي تشكل انتهاكًا لقواعد المنافسة العادلة، ومن أبرزها:

  1. تحديد أو اقتراح الأسعار وبدل الخدمات وشروط البيع أو الشراء: يمنع نظام المنافسة السعودي أي اتفاق أو ممارسة تهدف إلى تثبيت أو رفع أو تخفيض الأسعار، حيث يجب أن تتحدد الأسعار وفقًا لآليات السوق دون تدخل غير مشروع من قبل المنشآت المتنافسة.
  2. تحديد كميات الإنتاج أو أداء الخدمات: تُحظر الاتفاقيات التي تهدف إلى تحديد أحجام أو كميات الإنتاج أو تقديم الخدمات، حيث يؤدي ذلك إلى الإضرار بالمستهلكين عبر تقليل العرض ورفع الأسعار بشكل غير مبرر.
  3. تقييد تدفق السلع والخدمات داخل السوق: يشمل ذلك الإخفاء أو التخزين غير المبرر أو الامتناع عن التعامل في السلع أو الخدمات، مما يؤدي إلى خلق نقص مصطنع في السوق ورفع الأسعار بطرق غير قانونية.
  4. إقصاء منشآت من السوق أو عرقلة دخولها: يشمل ذلك أي سلوك يؤدي إلى منع منشأة جديدة من دخول السوق، أو تضييق الخناق على منشآت قائمة من خلال ممارسات غير عادلة.
  5. حجب السلع والخدمات عن منشآت معينة: لا يجوز للمنشآت الاتفاق على منع توريد منتجات أو خدمات لمنشآت معينة بهدف الإضرار بها أو الحد من قدرتها التنافسية.
  6. تقسيم الأسواق بين المتنافسين: يُحظر تقسيم الأسواق وفقًا لمعايير مختلفة مثل المناطق الجغرافية، أو مراكز التوزيع، أو نوعية العملاء، أو الفترات الزمنية، أو أي معايير أخرى، حيث يؤدي ذلك إلى تقييد المنافسة وحرمان المستهلكين من خيارات متعددة.
  7. تجميد عمليات التطوير والتوزيع والتسويق والاستثمار: يُحظر أي اتفاق يهدف إلى الحد من الابتكار أو منع الاستثمار في قطاعات معينة، لما لذلك من تأثير سلبي على تطور السوق.
  8. التواطؤ في المناقصات والمزايدات: يمنع نظام المنافسة السعودي أي تنسيق أو تواطؤ بين المنشآت في العطاءات المقدمة للمنافسات والمناقصات الحكومية وغير الحكومية، إذ يؤدي ذلك إلى الإضرار بالمنافسة العادلة وزيادة التكاليف على المستهلكين والجهات العامة.

 

وفي الختام،

لا يمكن إنكار الدور المحوري الذي يلعبه نظام المنافسة السعودي في تعزيز بيئة اقتصادية قائمة على أسس العدالة والتنافسية الحرة. فإنه ليس مجرد إطار تنظيمي، بل أداة استراتيجية لضمان أن الأسواق تعمل بشفافية، وأن جميع الكيانات والأنشطة تخضع لنفس القواعد والمبادئ. ومن خلال توضيح مفهوم المنافسة غير المشروعة، وتحديد الأنشطة الخاضعة، وضمان آليات تسعير عادلة، وكذلك رصد الممارسات المحظورة، يُثبت النظام أنه ليس فقط حاميًا للمستهلكين، ولكن أيضًا محفزًا للنمو الاقتصادي والإبداع. وبهذا المعنى، فإن الامتثال لأحكام النظام ليس مجرد التزام قانوني، بل هو أيضًا فرصة للمنشآت لتعزيز مصداقيتها، وتقديم خدمات ومنتجات ذات جودة أعلى، والمساهمة في بناء سوق متوازن ومستدام يعود بالفائدة على الجميع.

للتواصل معنا

نظام المنافسة السعودي
نظام المنافسة السعودي
شارك المقالة :

الكلمات المفتاحية

اترك تعليقك

Post Your Comment