يُعد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة خطوة قانونية واستثمارية تتطلب فهمًا دقيقًا لمتطلبات النظام واشتراطات عقد التأسيس الذي يُحدد أُسس الشركة وأهدافها ويُعبر عن رؤية الشركاء، لما تتميز به هذه الشركة من خصائص تُميزها عن غيرها؛ فهي توفر للشركاء حماية قانونية محدودة المسؤولية عن ديون الشركة، مما يعزز من جاذبيتها كهيكل استثماري مرن وقادر على التكيف مع تقلبات السوق. ولا يقتصر تأسيس هذه الشركة فقط على استيفاء المتطلبات الشكلية بل يتطلب إعدادًا وتخطيطًا دقيقًا لكل خطوة من خطوات التأسيس، بدءًا من صياغة عقد التأسيس ووضع اسم الشركة وتحديد مركزها الرئيسي وأغراضها، وصولًا إلى تحديد رأس المال وإدارته وتوزيع الحصص بين الشركاء. ويهدف هذا المقال إلى تقديم شرح شامل لكيفية تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، بما يتضمن الخطوات النظامية والوثائق المطلوبة والإجراءات النظامية الواجبة لتحقيق هذا الهدف، لنصل إلى رؤية واضحة ومتكاملة حول سُبل التأسيس السليم لهذه الشركة.
أولًا: ما المقصود بالشركة ذات المسؤولية المحدودة؟
تُعرف الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفقًا للمادة السادسة والخمسين بعد المائة من نظام الشركات السعودي ، بأنها: كيان تجاري يمكن تأسيسه من قبل شخص واحد أو أكثر، سواء كانوا ذوي صفة طبيعية (أفرادًا) أم ذوي صفة اعتبارية (شركات أو مؤسسات)، ما يتيح لها نطاقًا واسعًا من التنوع في التركيب المؤسسي.
ومن أبرز ما يميز هذا النوع من الشركات أن ذمتها المالية مستقلة تمامًا عن الذمة المالية لكل شريك فيها أو المالك لها، مما يعني أن أصول الشركة ومواردها هي وحدها التي تتحمل التبعات المالية التي قد تترتب على نشاط الشركة. وبالتالي، فإن الشركة وحدها تكون مسؤولة عن الديون والالتزامات المالية التي تترتب عليها نتيجة مزاولة أعمالها أو دخولها في تعاقدات تجارية.
أما بالنسبة للشركاء، فالأصل أن مسؤوليتهم محدودة بقدر حصصهم في رأس مال الشركة؛ حيث إنهم لا يتحملون أي مسؤولية إضافية عن التزامات الشركة، ولا يمكن للدائنين ملاحقة ممتلكاتهم الشخصية لسداد ديون الشركة.
ثانيًا: ما هي الإجراءات والاشتراطات لتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة؟
يُعد عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة من أهم الوثائق القانونية التي تضع الأسس والضوابط لتكوين الشركة وتشغيلها، ويستند هذا العقد إلى عدة مواد قانونية تضمن تحقيق الشفافية والعدالة بين الشركاء، وتنظم الحقوق والالتزامات بشكل يحفظ مصلحة الجميع، وفيما يلي أبرز البيانات الأساسية التي يجب أن يتضمنها عقد التأسيس:
بيانات الشركاء:
يتطلب القانون أن يضم عقد تأسيس الشركة بيانات تفصيلية عن الشركاء، فتشمل أسمائهم الكاملة، وجنسياتهم، وأماكن إقامتهم، وأي معلومات أخرى ضرورية لتحديد شخصياتهم القانونية، وتكمن أهمية هذه المعلومات في تحديد هوية الأطراف المعنية بعلاقة شراكة واضحة وشفافة، مما يُسهِم في تسهيل المعاملات الداخلية وتحديد المسؤوليات.
اسم الشركة:
يجب أن يكون لكل شركة اسم تجاري وفقًا للمادة الخامسة من النظام، يُعبر عن غرضها أو يحتوي على اسم أحد الشركاء الحاليين أو السابقين، شريطة عدم تعارضه مع القوانين واللوائح السارية، ويُمكن أن يكون الاسم مبتكرًا ويُعبِّر عن غرض الشركة، ويجب أن يتضمن ما يُشير إلى نوعها كشركة ذات مسؤولية محدودة. كما يُشترط الحصول على موافقة الشريك أو ورثته في حالة استخدام اسم شريك سابق، ويُمكن تعديل الاسم التجاري بناءً على الإجراءات القانونية المقررة، دون أن يؤثر التعديل على حقوق الشركة والتزاماتها السابقة.
المركز الرئيسي للشركة:
يلزم القانون أن يكون مقر الشركة الرئيسي داخل المملكة، وهو عنوان الشركة الرسمي، حيث تُباشر منه كافة نشاطاتها، ويُعتبر هذا المقر هو المكان الرسمي لاستلام البلاغات وإجراء المعاملات القانونية والإدارية.
غرض الشركة:
يجب أن يتضمن عقد التأسيس الغرض من إنشاء الشركة، والذي يُحدد الأنشطة المسموح بممارستها بعد تسجيلها لدى السجل التجاري، وحصولها على التراخيص اللازمة من الجهات المختصة، ويضمن هذا الوضوح في بيان الغرض تحديد نطاق الأعمال ويُسهم في تنظيم الأنشطة التجارية وفقًا للأطر القانونية.
رأس المال وتوزيعه بين الشركاء:
يجب أن يُحدد عقد التأسيس مقدار رأس المال وتقسيمه بين الشركاء، حيث يُقسم إلى حصص متساوية، ويجب أن تكون الحصص غير قابلة للتجزئة أو التداول خارج الأطر القانونية، وتُمنح الشركاء حقوقًا متساوية في الأرباح أو الخسائر، ما لم ينص العقد على خلاف ذلك.
إقرار الشركاء بالوفاء بقيمة الحصص:
يتضمن عقد تأسيس الشركة إقرار الشركاء بالوفاء بقيمة الحصص، وفي حال كانت الحصص عينية يتطلب النظام من الشركاء إقرارًا بتقييم الحصص العينية، حيث يخضع تقييمها إلى مختصين معتمدين إذا كانت تتجاوز نصف رأس المال، ويُلزم القانون الشركاء بالتعويض المالي للشركة في حال عدم عدالة التقييم، مما يُعزز من عدالة وسلامة التقييم المالي عند تأسيس الشركة.
مدة الشركة:
تُحدد مدة الشركة، وإذا كانت محددة المدة، يُمكن تمديدها بقرار من الجمعية العامة للشركاء، ويُمكن للشريك الذي لا يرغب في التمديد التخارج بناءً على القيم التي حددتها الأنظمة.
إدارة الشركة:
يُعين الشركاء مديرًا أو أكثر لإدارة الشركة، ويتم تحديد سلطاتهم وأدوارهم في عقد التأسيس أوفي عقد مستقل، ويُمكن أيضًا تكوين مجلس إدارة إذا تعدد المديرون، مما يساهم في هيكل إداري يضمن سير العمل وفق استراتيجيات محددة ويُعزز من كفاءة الأداء.
التنازل عن الحصص:
يتضمن العقد إمكانية الشريك التنازل عن حصته، مع ضرورة إبلاغ الشركاء الآخرين وإتاحة خيار استردادها لهم، وفي حال التنازل للغير، يحق للشركاء استرداد الحصة خلال مدة محددة أو حسب ما يتم الاتفاق عليه.
وسيلة توجيه البلاغات:
يجب تحديد وسيلة توجيه البلاغات في العقد، سواء عبر البريد الإلكتروني، أو الخطابات المسجلة، أو التسليم الشخصي، وتسمح هذه المرونة بالتواصل السلس والموثوق بين الشركاء وتضمن إتمام البلاغات الرسمية بوسائل حديثة وآمنة.
إصدار قرارات الشركاء:
يوضّح في عقد التأسيس اَلية إصدار القرارات سواءً من خلال انعقاد الجمعية العامة أو بالتمرير، ويبين الأغلبية المطلوبة في إصدار أي نوع من القرارات، مما يعزز من وحدة القرار ويُسهل اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب.
توزيع الأرباح والخسائر:
يتضمن العقد اَلية تُوزيع الأرباح والخسائر بين الشركاء، وتُحدد النسبة الموزعة من الأرباح والاحتياطي الذي يتم تجنيبه، وتُسهم هذه المرونة في إدارة التدفقات المالية بطريقة تتوافق مع أهداف الشركة واستراتيجياتها.
السنة المالية:
تحدد السنة المالية في عقد التأسيس، وغالبًا ما تكون 12 شهرًا، مع إمكانية تقليل أو زيادة السنة المالية الأولى بين ستة إلى ثمانية عشر شهرًا من تاريخ التسجيل، مما يسمح للشركة بتكييف سنة التشغيل مع خططها واستراتيجياتها.
انقضاء الشركة:
تحدد حالات انقضاء الشركة، سواء بوفاة أحد الشركاء أم غيرها من الحالات، مع ضمان عدم تأثر استمرار الشركة بتلك الحالات، ما لم يُنص على خلاف ذلك في عقد التأسيس.
أحكام أخرى:
يمكن إضافة أي شروط أخرى لا تتعارض مع النظام، وذلك لمنح الشركة مرونة أكبر في تسيير أعمالها.
كما يتعين على المؤسسين تقديم عقد التأسيس مرفقًا بوثائق أساسية تعكس مدى التزامهم بمتطلبات النظام، وتضمن الشفافية والوضوح في التقديرات المالية، لا سيما في حال تضمن الحصص العينية، ويتطلب ذلك إعداد إقرارين مهمين يعكسان احترام الأطراف لبنود العقد والتزامهم بأطر النظام، وهما على النحو الآتي:
إقرار المؤسسين بالالتزام بمتطلبات النظام:
يتعين على المؤسسين إرفاق إقرار رسمي يُعبر عن التزامهم الكامل بجميع متطلبات النظام المتعلقة بتأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، ويوضح هذا الإقرار احترام المؤسسين للقوانين واللوائح التي تنظم تأسيس الشركات في المملكة، ويُشكل أساسًا للثقة والشفافية في العلاقة بين الشركة والجهات الرقابية. وبذلك، يعزز التزام المؤسسين بموجبات النظام من شرعية تأسيس الشركة ويساهم في بناء صورة واضحة لمصداقيتها القانونية، ويضمن أن الخطوات المتخذة متوافقة تمامًا مع الإطار القانوني الذي يحدد حقوق والتزامات الشركاء.
تقرير القيمة العادلة للحصص العينية:
إذا اشتمل رأس مال الشركة على حصص عينية، أي أصول ملموسة أو غير ملموسة يقدمها أحد الشركاء عوضًا عن النقد، فيجب إعداد تقرير مفصل من مقيم معتمد أو أكثر، يُقيّم القيمة العادلة لهذه الحصص، ويُعد هذا التقرير وثيقة دقيقة وموضوعية لتحديد القيمة المالية للحصص العينية، ويجب أن يتضمن التقديرات المحايدة التي تضمن حق الشركاء وتُجنبهم النزاعات المحتملة. ويتطلب القانون أيضًا إقرارًا من باقي المؤسسين بالموافقة على المقابل المحدد لهذه الحصص، مما يعكس قبولهم للقيمة المحددة والتزامهم بالنتائج المترتبة على ذلك، وهو ما يُعزز الشفافية المالية ويُقنن الملكية بطريقة واضحة وعادلة.
إجراءات المركز السعودي للخدمات الإلكترونية:
يقدم المركز السعودي للأعمال خدمة إلكترونية متكاملة تسهّل على المستثمرين والشركاء تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، بحيث يتمكن الأفراد من البدء في ممارسة نشاطهم التجاري بسهولة وسرعة، وتدعم هذه الخدمة تأسيس الشركات سواء من قبل شخص واحد أم مجموعة من الشركاء، وتضمن حماية الذمة المالية الشخصية لكل شريك، حيث تكون الشركة وحدها مسؤولة عن ديونها والتزاماتها ضمن حدود رأس مالها، مما يحد من مسؤولية الشركاء أو المالك بقدر حصصهم فقط.
ومن خلال هذه الخدمة، يتم إجراء جميع الخطوات الضرورية لتأسيس الشركة، وتشمل هذه الخطوات ما يأتي:
- إصدار السجل التجاري وعقد التأسيس: يُعتبر هذا السجل الوثيقة الرسمية التي تُسجل بها الشركة في السجلات الحكومية وتوضح تفاصيلها القانونية.
- إصدار رخصة تجارية فورية (اختياري): تمنح هذه الرخصة للمستثمر خيار بدء نشاطه التجاري بشكل فوري وسريع.
- فتح ملف منشأة لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية: يُمكّن هذا الملف المنشأة من التعامل مع الوزارة بشكل رسمي وإدارة شؤون الموظفين والمتطلبات العمالية.
- التسجيل في الزكاة: يتم تسجيل الشركة في هيئة الزكاة والضريبة والجمارك عبر بوابة إلكترونية لتسديد الالتزامات الزكوية حسب النظام.
- التسجيل في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية: يضمن هذا التسجيل توفير التأمينات الاجتماعية للعاملين في الشركة وفقًا للأنظمة المحلية.
- التسجيل في العنوان الوطني لدى البريد السعودي (سُبل): يسجل العنوان الوطني للمنشأة لتسهيل عمليات التواصل وإدارة الأعمال عبر العنوان الرسمي.
- التسجيل في الغرف التجارية: يتم تسجيل المنشأة في الغرفة التجارية حسب موقعها، وذلك لتمكينها من الحصول على دعم الخدمات التي تقدمها الغرفة
ثالثًا: هل يجوز التظلم من رفض عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة؟
يُعد تأسيس الشركات ذات المسؤولية المحدودة عملية قانونية تتطلب الالتزام بإجراءات نظامية دقيقة، وفي بعض الحالات، قد يُرفض طلب تأسيس الشركة لأسباب مختلفة. لكن، هل يحق للمؤسسين الاعتراض على قرار الرفض؟ نستعرض هنا الجوانب القانونية لحق المؤسسين في التظلم من رفض عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وذلك بالاستناد إلى نص المادة السادسة من نظام الشركات السعودي على النحو الآتي:
قرار السجل التجاري في طلب تأسيس الشركة:
يُبتّ السجل التجاري في الطلبات المستوفية للبيانات والوثائق اللازمة وفقًا لأحكام النظام، ويقوم السجل التجاري بمراجعة الطلبات والوثائق المرفقة للتأكد من استيفائها للمتطلبات القانونية والشكلية، فإذا كان الطلب مستوفيًا لكل البيانات المطلوبة، ينبغي قبوله والموافقة عليه؛ أما إذا لم يستوفِ الشروط، يحق للسجل التجاري رفض الطلب. ومن المهم هنا أن يكون هذا الرفض مبررًا ومسببًا، بما يضمن أن المؤسسين على علم واضح بالأسباب التي حالت دون قبول طلبهم، ويتيح لهم فهم الجوانب التي يمكن تحسينها أو تعديلها، إذا لزم الأمر.
حق المؤسسين في التظلم أمام الوزارة:
أوجبت المادة السادسة من النظام حق المؤسسين في التظلم من قرار الرفض، حيث يحق لهم تقديم تظلم رسمي أمام وزارة التجارة خلال ستين يومًا من تاريخ إبلاغهم بالرفض، وتتيح هذه الفترة الزمنية للمؤسسين الوقت الكافي لدراسة الأسباب المرفقة مع قرار الرفض وتحضير الردود والمستندات اللازمة لدعم تظلمهم، ويُعد هذا الحق القانوني خطوة أساسية تهدف إلى تحقيق العدالة وضمان حقوق المؤسسين، حيث تسمح لهم بإعادة طرح قضيتهم أمام الجهة المختصة للنظر في مدى صحة الأسباب التي بني عليها القرار، مما يُعزز من شفافية العملية ويحد من القرارات العشوائية أو غير المبررة.
التظلم أمام الجهة القضائية المختصة:
في حال رفض التظلم المقدم أمام الوزارة أو إذا لم يُبتّ فيه خلال ثلاثين يومًا من تاريخ تقديمه، تتيح المادة السادسة للمؤسسين الحق في التظلم أمام الجهة القضائية المختصة، ويعد هذا الحق تصعيدًا قانونيًا هامًا؛ حيث يتيح للمؤسسين اللجوء إلى القضاء للحصول على حكم محايد بشأن طلب تأسيس شركتهم، ويعكس هذا الحق المبدأ القانوني القائم على حماية مصالح الأفراد والشركاء وضمان عدم تعرضهم لأي قرارات تعسفية.
رابعًا: هل يمكن تعديل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة؟
يعد عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة بمثابة الوثيقة القانونية التي ترسم ملامح تأسيس الشركة، إلا أن الطبيعة الديناميكية للأعمال قد تتطلب من الشركاء إجراء تعديلات على العقد لمواكبة التغيرات المستجدة وضمان استمرارية الشركة ضمن هيكل قانوني متماسك. ونستعرض هنا الأسس القانونية لتعديل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة وفقًا نظام الشركات ، مبينًا أهم الأحكام التي تضمن حق الشركاء ومرونة التعديلات، وذلك على النحو الآتي:
إمكانية تعديل عقد تأسيس الشركة:
تنص المادة الثانية والسبعون بعد المائة من نظام الشركات على إمكانية تعديل عقد تأسيس الشركة، سواء من خلال زيادة رأس مالها أو تخفيضه أو تعديل أي من بنود العقد الأخرى، شرط موافقة شريك أو أكثر يمثلون ما لا يقل عن ثلاثة أرباع رأس المال، ما لم ينص عقد التأسيس على نسبة أعلى من ذلك. ويعد هذا النص ضمانًا لمرونة العقد، حيث يتيح للشركاء تعديل بنود التأسيس لمواءمتها مع أهدافهم المتغيرة، شرط مراعاة الحد الأدنى من النسبة اللازمة للموافقة.
أولوية الشركاء في تملك الحصص الجديدة:
أشارت المادة إلى أنه في حال زيادة رأس مال الشركة عن طريق إصدار حصص جديدة، يتمتع الشريك بالأولوية في تملك هذه الحصص، بما يتناسب مع نسبة حصصه في رأس المال الأصلي، ويأتي هذا النص ليعكس حماية قانونية لحقوق الشركاء الأصليين، حيث يمنحهم الأفضلية في الاكتتاب بالحصص النقدية الجديدة، مما يحفظ حقوقهم من التراجع في نسب الملكية ويدعم استمرارية مشاركتهم في نمو الشركة وتوسعها، وفقًا للآليات المحددة في اللوائح.
شروط زيادة رأس المال:
وضعت المادة قيدًا صارمًا على زيادة رأس المال من خلال رفع القيمة الاسمية للحصص أو وقف حق الأولوية، حيث لا يجوز تنفيذ ذلك إلا بإجماع جميع الشركاء، ويُظهر هذا الشرط احترام النظام لحقوق الشركاء بشكل متساوٍ، إذ يُلزم الشركة بالحصول على موافقة إجماعية لضمان عدالة القرارات المالية الكبرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بتعديل الحصص الحالية أو تجاوز حق الأولوية.
دور المركز السعودي للأعمال في تعديل عقد تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة:
يقدم المركز السعودي للأعمال خدمة إلكترونية مميزة تمكّن المستفيدين من تعديل عقد تأسيس الشركة بمرونة، وذلك عن طريق تعديل أو تغيير أي مادة من مواد العقد بما يتماشى مع النظام التشريعي الجديد للشركات، وتتميز هذه الخدمة بإمكانية تعديل عقد التأسيس إلكترونيًا بشكل كامل، دون الحاجة لمراجعة أي فرع من فروع المركز أو الوزارة، مما يسهّل على المستثمرين التحديثات القانونية وتكييف عقودهم وفقًا للمتطلبات الحديثة.
خطوات تعديل عقد تأسيس الشركة:
تشتمل عملية تعديل العقد على خطوات ، يتم إجراؤها عبر المنصة التابعة للمركز، حيث يمكن للمستفيدين إدخال التعديلات المطلوبة ، سواء كانت تتعلق بالهيكل الإداري للشركة، أو توزيع الحصص، أو مواد أخرى، ضمن الأطر القانونية السارية.
الشروط اللازمة لتعديل العقد:
هناك بعض الشروط اللازمة لتعديل عقد تأسيس الشركة، وهي كالتالي:
- سجل تجاري ساري المفعول: يجب أن تكون الشركة مسجلة تجاريًا وسجلها ساريًا لضمان مشروعية التعديل.
- ترخيص استثماري للشركات الأجنبية أو المختلطة: في حال كانت الشركة أجنبية أو مختلطة، يجب وجود ترخيص استثماري ساري.
- ألا تكون الشركة موقوفة من قبل وزارة التجارة: يجب أن تكون الشركة نشطة وغير موقوفة لتتمكن من تعديل العقد.
- موافقة البنك المركزي: يجب الحصول على موافقة البنك المركزي مسبقًا في حال كان النشاط يتطلب ذلك، مع تعديل الترخيص الاستثماري عند الحاجة، وأن يكون المديرون غير موظفين حكوميين.
وتسهم هذه الخدمة في تسهيل تعديل العقود للشركات، مما يمنحها القدرة على التكيف مع التغيرات التشريعية بسلاسة، ودون تعقيد، مما يدعم بيئة استثمارية مرنة تلبي احتياجات السوق وتساعد على نمو الأعمال وتطورها بما يتماشى مع الرؤية القانونية والاقتصادية للمملكة.
وختامًا
يتطلب تأسيس الشركة ذات المسؤولية المحدودة إلمامًا بنصوص النظام، واستيفاء متطلبات دقيقة تُشكل الأساس القانوني لهذا الكيان الذي يمنح الشركاء حماية وحدودًا واضحة للمسؤولية، فيضمن الالتزام بجميع المراحل النظامية بدءًا من صياغة عقد التأسيس وتسجيله وانتهاءً بقبول الطلب للشركاء تأسيس شركة متماسكة من الناحية القانونية ومرنة بما يكفي للنمو في سوق متغير. ولا تقتصر الفائدة في هذا الإطار على مجرد الاستفادة من حماية محدودة المسؤولية، بل تمتد لتشمل تأسيس هيكل تجاري محكَم يستجيب لاحتياجات الشركاء ويعزز من فرص النجاح والاستمرارية. ومن هنا، تتجلى أهمية فهم الخطوات النظامية، فكل إجراء يوضع وفق أطر قانونية يُرسي دعائم استثمار آمن ومستدام في البيئة الاقتصادية، مما يعزز من مكانة الشركة ويضمن تحقيق أهداف الشركاء وتطلعاتهم المستقبلية.