ضوابط منع إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق في نظام المنافسة السعودي

ضوابط منع إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق

اهم العناويين

في إطار السعي إلى ترسيخ مبادئ المنافسة العادلة ومنع إساءة استغلال الوضع المهيمن، وحماية السوق من أي ممارسات قد تخلّ بتوازنها، جاء نظام المنافسة السعودي ليضع إطارًا قانونيًا دقيقًا يمنع إساءة استغلال الوضع المهيمن. فهذا النظام لا يجرّم الهيمنة في حد ذاتها، لكنه يفرض قيودًا واضحة على أي استخدام غير مشروع لهذا الوضع من شأنه أن يضر بالمنافسة أو يحد منها. ومن خلال أحكامه التفصيلية، يحدد النظام كيفية تقدير الوضع المهيمن في السوق، والمعايير التي تعتمدها الجهات الرقابية لتقييم أي ممارسات قد تؤثر على حرية التنافس، كما يوضح متى يجوز منح إعفاءات محددة لبعض المنشآت إذا كان ذلك يحقق منافع اقتصادية تتجاوز آثار الحد من المنافسة.

ولتحقيق هذه الأهداف، يتناول النظام عدة ضوابط أساسية، تبدأ بتعريف الوضع المهيمن وفق أسس قانونية واضحة، ثم تمتد إلى رصد الممارسات المحظورة التي قد تشكل استغلالًا غير مشروع لهذا الوضع، متبوعة بمعايير تقديرية دقيقة تستخدمها الجهات المختصة عند تقييم هذه السلوكيات، وأخيرًا، تحديد الاستثناءات التي تتيح للمنشآت التمتع ببعض المرونة في حال كان ذلك يخدم تحسين أداء السوق بشكل ملموس. وتعكس كل هذه الأحكام نهجًا متوازنًا بين حماية المنافسة وتشجيع التطوير، مما يضمن بيئة سوقية قائمة على الشفافية والعدالة.

ضوابط منع إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق في نظام المنافسة السعودي
ضوابط منع إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق في نظام المنافسة السعودي

أولًا: ما المقصود بالوضع المهيمن في السوق وفقًا لنظام المنافسة؟

عرّفت المادة الأولى من نظام المنافسة السعودي، الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/75) بتاريخ 29/6/1440هـ، ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار رقم (337) بتاريخ 25/1/1441هـ، “الوضع المهيمن” بأنه الوضع الذي تكون من خلاله المنشأة – أو مجموعة منشآت – مسيطرة على نسبة معينة من السوق المعنية التي تمارس نشاطها فيها أو قادرة على التأثير فيها، أو بهما معًا. وأوضحت اللائحة التنفيذية أن هذه السيطرة أو القدرة على التأثير يجب أن تكون على سوق محددة بعينها، وليست على جميع الأسواق التي تعمل بها المنشأة أو مجموعة المنشآت.

ومن جانب آخر، أوضح النظام في مادته السادسة أنّ امتلاك منشأة أو مجموعة منشآت لوضع مهيمن لا يُعد في حد ذاته مخالفةً لأحكام النظام، بل تكمن المخالفة في إساءة استغلال هذا الوضع من أجل الإخلال بالمنافسة أو الحد منها.

 

ثانيًا: كيف يمنع نظام المنافسة السعودي إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق؟

نصت المادة السادسة من نظام المنافسة على حظر قيام أي منشأة أو مجموعة منشآت تتمتع بوضع مهيمن في السوق أو في جزء مهم منه، بإساءة استغلال ذلك الوضع بهدف الإخلال بالمنافسة أو الحد منها. ولضمان الوضوح والدقة، حدد النظام عددًا من الممارسات التي تعتبر إساءة صريحة للوضع المهيمن:

 

  1. البيع بأقل من التكلفة الإجمالية:

يُحظر على المنشآت المهيمنة بيع السلع أو الخدمات بأسعار تقل عن التكلفة الإجمالية بهدف إخراج منشآت أخرى من السوق أو إلحاق خسائر جسيمة بها. ويُعد هذا التصرف محاولة لإضعاف المنافسة الحالية وإعاقة دخول منافسين جدد، مما يؤدي إلى احتكار فعلي للسوق بمرور الوقت.

 

  1. تحديد أسعار أو شروط إعادة البيع:

يمنع النظام المنشآت المهيمنة من فرض أسعار أو شروط إعادة بيع السلع والخدمات، حيث يؤدي ذلك إلى تقييد حرية الأطراف الأخرى في تحديد الأسعار بما ينسجم مع ظروف السوق، مما يحد من تنافسية الشركات الصغيرة أو المتوسطة.

 

  1. التحكم في الكميات المتاحة للمنتجات:

التلاعب بالكميات المعروضة من المنتجات في السوق، سواء بالتقليل منها أم زيادتها بشكل مصطنع، يُعتبر وسيلة للتحكم في الأسعار وخلق انطباع زائف بوجود وفرة أو عجز. ويؤدي هذا النوع من التلاعب إلى اضطراب السوق، مما يتسبب في الإضرار بالمستهلكين والمنافسين على حد سواء.

 

  1. التمييز في التعامل بين المنشآت:

يُحظر على المنشآت المهيمنة التمييز بين المتعاملين في عقود مماثلة من حيث الأسعار أو شروط البيع والشراء. ويُعد هذا التصرف غير عادل ويؤدي إلى خلل في التنافسية الطبيعية، مما يمنح بعض الشركات ميزة غير مبررة على حساب أخرى.

 

  1. رفض التعامل بدون سبب موضوعي:

يعتبر رفض التعامل مع منشأة أخرى دون مبرر موضوعي تصرفًا مخالفًا للنظام، حيث يمكن أن يؤدي إلى الحد من دخول المنشآت الجديدة للسوق وإضعاف المنافسة الحرة.

 

  1. فرض شروط تقييدية على التعامل:

من أبرز الممارسات الممنوعة فرض المنشآت المهيمنة شروطًا تحد من حرية المنشآت الأخرى في التعامل، مثل الاشتراط على منشأة ما بعدم التعامل مع أخرى. وتخلق هذه الشروط بيئة تنافسية غير صحية، وتُضعف التنوع والتعددية في السوق.

 

  1. تعليق البيع على شروط غير مرتبطة:

يُحظر تعليق بيع سلعة أو خدمة معينة على شرط قبول التزامات أو سلع وخدمات أخرى ليست لها علاقة جوهرية بموضوع العقد الأصلي. ويُعتبر هذا التصرف استغلالًا للوضع المهيمن لإجبار الأطراف الأخرى على تحمل شروط غير عادلة، مما يؤثر سلبًا على المنافسة الطبيعية.

وبالإضافة لما سبق، فقد جاءت المادة التاسعة من اللائحة التنفيذية لتُفصّل وتحدد بشكل أكبر الممارسات التي تُعد مخالفة صريحة ومباشرة بمجرد ارتكابها، حيث ذكرت اللائحة تحديدًا:

  • اشتراط المنشأة المسيطرة امتناع منشأة أخرى عن التعامل مع منشأة ثالثة كشرط للتعامل معها، واعتبرت اللائحة هذا الشرط مخالفة صريحة بمجرد حدوثه، حتى لو لم يظهر تأثيره فورًا.
  • تعليق بيع السلعة أو الخدمة أو التعامل فيها على شرط تحمّل التزامات أو قبول سلع أو خدمات أخرى لا ترتبط بطبيعتها أو وفق الاستخدام التجاري بالسلعة أو الخدمة محل التعاقد أو التعامل الأصلي، واعتبر هذا التعليق مخالفةً واضحة وصريحة بمجرد وقوعها، دون اشتراط وجود أثر حالي أو محتمل.

 

ثالثًا: كيف يتم تقدير الوضع المهيمن في السوق وفقًا لنظام المنافسة السعودي؟

يُعدّ تقدير الوضع المهيمن في السوق أحد الجوانب الأساسية التي تناولها نظام المنافسة السعودي، ولائحته التنفيذية، حيث وضعت المادة العاشرة من اللائحة التنفيذية معايير دقيقة لتحديد ما إذا كانت منشأة أو مجموعة منشآت تتمتع بوضع مهيمن في السوق المعنية.

فوفقًا لما ورد في اللائحة التنفيذية، يتم تحديد الوضع المهيمن من خلال معيارين رئيسيين، ويمكن اعتبار المنشأة أو مجموعة منشآت في الوضع المهيمن إذا تحقق أحد هذين المعيارين أو كليهما:

 

  • معيار الحصة السوقية:

تتحقق الهيمنة إذا بلغت الحصة السوقية لمنشأة معينة أو لمجموعة منشآت نسبة (40٪) أو أكثر من إجمالي السوق المعنية. ويشمل ذلك الحالات التي تتصرف فيها مجموعة منشآت بإرادة واحدة لارتكاب ممارسات معينة أو إحداث تأثير محدد في السوق، ما يؤدي إلى ترسيخ وضعها المهيمن.

 

  • معيار القدرة على التأثير في السوق:

لا يرتبط تقدير الوضع المهيمن فقط بالحصة السوقية، بل أيضًا بالقدرة الفعلية للمنشأة أو مجموعة المنشآت على التأثير في السوق المعنية، سواء عبر التحكم في الأسعار، أم الإنتاج، أم العرض. ويشمل ذلك الحالات التي يكون للمنشأة تأثير ملموس في ديناميكيات السوق، بغض النظر عن الحصة السوقية.

ولضمان دقة التقدير، سمحت اللائحة التنفيذية للهيئة العامة للمنافسة بالنظر في مجموعة من العوامل التقديرية عند تقييم معيار القدرة على التأثير في السوق، ومن أبرز هذه العوامل:

  1. الحصة السوقية للمنشأة أو مجموعة منشآت، بالإضافة إلى حصص المنافسين، لتحديد مدى تفوق المنشأة المسيطرة في السوق.
  2. مستوى المنافسة الفعلية أو المحتملة، أي مدى وجود منافسين حاليين أو احتمالات دخول منافسين جدد.
  3. نمو حجم العرض والطلب على السلعة، حيث يساعد ذلك في فهم ديناميكيات السوق ومدى تأثير المنشأة فيه.
  4. العوائق التي تحد أو تمنع دخول المتنافسين الجدد، مثل الحواجز القانونية أو الاقتصادية أو التكنولوجية التي تعيق الدخول إلى السوق.
  5. مستوى القوة التفاوضية للعميل، الذي يشمل قدرة المشترين على التفاوض بشأن الأسعار أو شروط البيع، مما يؤثر على مدى سيطرة المنشأة المهيمنة.
  6. سهولة أو صعوبة الوصول إلى مدخلات الإنتاج، حيث يمكن أن تتحكم المنشأة المهيمنة في مصادر المواد الخام أو الخدمات الأساسية.
  7. الموارد المالية وغير المالية للمنشأة ومنافسيها، مما يساعد في تقدير مدى القوة الاقتصادية للمنشأة في مقابل باقي اللاعبين في السوق.
  8. اقتصاديات الحجم والسعة المتوافرة للمنشأة، أي مدى قدرتها على الاستفادة من الإنتاج واسع النطاق لتخفيض التكاليف وتعزيز هيمنتها.
  9. مستوى تمييز السلع، أي مدى قدرة المنشأة على تقديم منتجات أو خدمات ذات ميزات فريدة تمنحها ميزة تنافسية كبيرة.

وتُعدّ هذه العوامل أدوات حاسمة لتقدير الوضع المهيمن بدقة، حيث تتيح للجهات التنظيمية تحليل السوق من منظور شامل، وليس فقط من خلال معيار الحصة السوقية. وبهذا، يضمن نظام المنافسة السعودي تحقيق العدالة السوقية، من خلال التأكد من أن أي منشأة لا تستغل وضعها المهيمن بطرق قد تضر بالمنافسة العادلة أو تحد منها.

 

 رابعًا: ما المعايير التقديرية لدراسة الممارسات المخلة بالمنافسة في النظام السعودي؟

يُولي نظام المنافسة السعودي أهمية كبيرة لدراسة الممارسات التي قد تؤدي إلى الإخلال بالمنافسة. وقد حددت المادة الحادية عشرة من اللائحة التنفيذية مجموعة من المعايير التقديرية التي يمكن للهيئة العامة للمنافسة الاستناد إليها عند فحص هذه الممارسات، سواء كان الهدف منها صريحًا أم ضمنيًا، وسواء كان أثرها حالًّا أم محتملًا.

 

  • تأثير الممارسة على الموردين والمشتريات المتأثرة:

أحد المعايير الأساسية في تقدير الممارسات المخلة بالمنافسة هو تحديد نسبة الموردين المتأثرين وحصصهم السوقية. فإذا كانت الممارسة تترك أثرًا جوهريًا على نسبة كبيرة من الموردين أو تؤدي إلى إضعاف المنافسة بينهم، فقد تعتبر مؤشرًا على وجود إخلال في المنافسة، خاصة إذا كان أحد الموردين يتمتع بوضع مهيمن في السوق.

 

  • المدة الزمنية لحدوث الممارسة:

تلعب المدة الزمنية التي استغرقتها الممارسة دورًا رئيسيًا في تحديد مدى تأثيرها على السوق. فالممارسات التي تستمر لفترات طويلة قد تترسخ داخل السوق وتؤثر بشكل أكثر حدة، مما يعزز احتمالية استغلال الوضع المهيمن لدى بعض المنشآت، بينما قد تكون الممارسات المؤقتة ذات تأثير أقل.

 

  • التغيُّر السعري أو الكمي في السلعة:

يتم قياس مدى تأثير الممارسة من خلال مقارنة التغيرات التي طرأت على أسعار السلع أو كمياتها مع المستويات التي كان من المتوقع أن تكون عليها في غياب الممارسة. وإذا تبين أن الممارسة أدت إلى تحولات غير مبررة في الأسعار أو المعروض، فقد يُنظر إليها كإخلال بالمنافسة، لا سيما إذا كانت ناتجة عن استغلال الوضع المهيمن.

 

  • الأثر على جودة وتنوع وابتكار السلع:

لا تقتصر دراسة الممارسات المخلة بالمنافسة على تحليل الأسعار، بل تشمل أيضًا الأثر على جودة المنتجات وتنوعها وابتكارها. فالممارسات التي تقلل من التنوع في السوق أو تحد من الابتكار قد تكون مؤشرًا على سلوك غير تنافسي، خاصة إذا كان ذلك بفعل منشأة مهيمنة تستغل قدرتها على فرض شروط تحد من تطوير السوق.

 

  • الأثر على منافع المستهلكين:

تأخذ الهيئة في الاعتبار مدى تأثر المستهلكين بالممارسات التي يتم التحقيق فيها، سواء من خلال ارتفاع الأسعار، أم انخفاض الجودة، أم تراجع مستوى الخدمة. فإذا أدت الممارسة إلى تقويض خيارات المستهلكين أو إضعاف قدرتهم على الوصول إلى بدائل تنافسية، فقد يُعد ذلك دليلًا على إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق.

 

  • الأثر على حرية الاستيراد والتصدير:

يُعد تأثير الممارسة على حرية الاستيراد والتصدير عاملًا جوهريًا في تقييم مدى مخالفتها للمنافسة العادلة. فإذا أدت الممارسة إلى فرض قيود غير مبررة على عمليات الاستيراد أو التصدير، فقد يعكس ذلك محاولات غير مشروعة للسيطرة على السوق، خاصة من قِبل منشآت ذات وضع مهيمن.

 

  • مدى اتفاق الممارسة مع السلوك التنافسي المعتاد:

تنظر الهيئة فيما إذا كانت الممارسة تتماشى مع السلوك التنافسي الطبيعي للمنشآت داخل السوق. فإذا كانت المنشآت المنافسة تتصرف بطريقة تتوافق مع ديناميكيات السوق العادلة، في حين أن منشأة مهيمنة تتخذ قرارات تعوق المنافسة، فقد يُعتبر ذلك دليلًا على وجود إخلال بالقواعد المنظمة للمنافسة.

 

خامسًا: متى يُسمح للمنشآت ذات الوضع المهيمن بالإعفاء من بعض قيود المنافسة؟

أجاز نظام المنافسة في المادة الثامنة إمكانية منح بعض المنشآت ذات الوضع المهيمن إعفاءً من بعض القيود الواردة في المادة السادسة، شريطة أن يكون ذلك الإعفاء محققًا لتحسين أداء السوق أو تعزيز الجودة أو التطور التقني.

متى يُسمح للمنشآت ذات الوضع المهيمن بالإعفاء من بعض قيود المنافسة؟
متى يُسمح للمنشآت ذات الوضع المهيمن بالإعفاء من بعض قيود المنافسة؟

أولًا: الأساس القانوني للإعفاء

نصت المادة الثامنة من النظام على أنه يجوز للمجلس – بناءً على توصية من لجنة فنية – الموافقة على طلب منشأة معينة للإعفاء من بعض القيود الواردة في المادة السادسة، بشرط أن يحقق هذا الإعفاء فائدة تتجاوز تأثيره السلبي على المنافسة. وبهذا، يُمكن للمنشآت ذات الوضع المهيمن الاستفادة من هذه المرونة إذا ما تمكنت من إثبات أن إجراءاتها تعود بالفائدة على السوق والمستهلكين.

 

ثانيًا: الشروط الواجب تحققها لمنح الإعفاء

حتى تحصل المنشأة ذات الوضع المهيمن على الإعفاء، يجب أن تثبت أن الإجراءات التي تتخذها تؤدي إلى أحد الآثار الإيجابية التالية:

  1. تحسين أداء السوق: أي أن تؤدي الممارسة إلى تعزيز كفاءة الأسواق، مثل تسهيل التوزيع أو تحسين عمليات الإنتاج أو خفض التكاليف التشغيلية.
  2. تحسين جودة المنتجات: يتعين على المنشأة إثبات أن الإجراءات المتخذة ترفع من معايير الجودة أو توفر خيارات أفضل للمستهلكين.
  3. التطور التقني: يشمل ذلك تعزيز الابتكار في المنتجات أو تحسين التكنولوجيا المستخدمة في الإنتاج.
  4. تحقيق الكفاية الإبداعية: أي تعزيز بيئة الأعمال بطريقة تدفع نحو تطوير منتجات أو خدمات جديدة.
  5. فائدة للمستهلك تفوق أثر الحد من المنافسة: يُشترط أن تكون الفائدة الناتجة عن الممارسة أعلى من التأثير السلبي المحتمل على المنافسة، مما يضمن عدم إضرار السوق على المدى الطويل.

 

ثالثًا: آلية التقديم للحصول على الإعفاء

تتمثل الخطوات الرئيسية التي يجب أن تتبعها المنشآت ذات الوضع المهيمن عند تقديم طلب الإعفاء فيما يلي:

  • تقديم الطلب إلى المجلس المختص، مع توضيح طبيعة الممارسة التي تستدعي الإعفاء.
  • إرفاق الأدلة والمبررات التي تثبت تحقيق الفوائد المطلوبة، مثل دراسات السوق أو بيانات أداء المنتجات.
  • دراسة الطلب من قبل اللجنة الفنية، التي تُقيم مدى تأثير الإعفاء على المنافسة في السوق.
  • اتخاذ القرار من قبل المجلس، إما بالموافقة المشروطة أو الرفض بناءً على المعطيات المتوفرة.

 

رابعًا: دور الهيئة العامة للمنافسة في الرقابة

حتى بعد منح الإعفاء، تحتفظ الهيئة العامة للمنافسة بحقها في مراجعة تأثير الإجراء المتخذ من قبل المنشأة ذات الوضع المهيمن، للتأكد من استمرار تحقيق الشروط المحددة. كما يحق للهيئة إلغاء الإعفاء في حال ثبت أن الممارسة أدت إلى ضرر بالمنافسة.

 

     وختامًا،

يتضح أن نظام المنافسة السعودي قد وضع إطارًا قانونيًا دقيقًا لضمان عدم استغلال الوضع المهيمن بطرق تضر بالمنافسة العادلة أو تحد من حرية السوق. فمن خلال تعريف واضح لهذا الوضع، وآليات تقديره، والمعايير التي تعتمدها الجهات الرقابية لدراسة أي ممارسات مخلة بالمنافسة، أرسى النظام ضوابط صارمة تحد من أي إساءة استغلال قد تؤدي إلى الإضرار بالمنافسين أو المستهلكين. كما أتاح في حالات استثنائية إمكانية منح إعفاءات محددة للمنشآت المهيمنة، شريطة أن تحقق هذه الاستثناءات منافع تفوق آثار الحد من المنافسة. وبذلك، يجمع النظام بين تشجيع الكفاءة الاقتصادية وتعزيز حرية التنافس، مما يسهم في بناء سوق متوازن يعكس العدالة والشفافية ويمنع أي سلوكيات من شأنها الإخلال بمبادئ المنافسة المشروعة.

للتواصل معنا

ضوابط منع إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق
ضوابط منع إساءة استغلال الوضع المهيمن في السوق
شارك المقالة :

الكلمات المفتاحية

اترك تعليقك

Post Your Comment