حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات تمثل حجر الزاوية في البناء النظامي لعلاقات الشفافية والمساءلة داخل الشركات المدرجة في السوق المالية السعودية. إذ لم تكتفِ هيئة السوق المالية بتقرير هذه الحقوق في صيغة مبادئ عامة، بل أوردتها في شكل ضمانات تفصيلية ومواد ملزمة تكفل للمساهم التمتع الكامل بحقوقه، دون إبطاء أو تمييز أو تعطيل، بدءًا من الحق في الأرباح، ومرورًا بحضور الجمعيات العامة والتصويت والمشاركة في اتخاذ القرار، وانتهاءً بحق الطعن والمساءلة والمطالبة بالتعويض.
ومن خلال لائحة حوكمة الشركات، وُضِعَ إطار قانوني محكم ينظم بدقة العلاقة بين المساهم والإدارة، ويُمكّن المساهم من ممارسة سلطته داخل الجمعية العامة بوسائل فعالة، تضمن تكافؤ الفرص، وعدالة التصويت، وحرية الاطلاع على البيانات، والمشاركة في انتخاب مجلس الإدارة، بل وحتى حقه في مراقبة الأداء ومحاسبة المجلس عند وجود مخالفة أو تقصير. وكل ذلك ضمن مسارات نظامية واضحة، تجعل من هذه الحقوق أدوات عملية فعالة، لا مجرد نصوص معطلة.
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على أبرز الضمانات النظامية التي كفلتها لائحة حوكمة الشركات لحماية حقوق المساهمين، من خلال استعراض تفصيلي لأهم المواد ذات الصلة، وتحليل آليات تنفيذها، وبيان سُبل توظيفها لضمان حماية المصلحة المالية والتنظيمية للمساهم، وذلك ضمن إطار قانوني محكم يُرسّخ مبادئ الحوكمة المؤسسية الفعالة.

أولًا: ما هي الحقوق الأساسية للمساهمين وفقًا للائحة حوكمة الشركات؟
تُعد حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات من أبرز المحاور النظامية التي أفردت لها هيئة السوق المالية تنظيمًا خاصًا، حيث جاءت المادة الخامسة من لائحة الحوكمة الصادرة عن الهيئة لتُحدد هذه الحقوق بدقة متناهية، وتُلزم الشركات المدرجة بكفالة هذه الحقوق وضمان ممارستها دون أي تمييز أو تقييد غير مشروع.
وتنص المادة الخامسة صراحةً على أن من حقوق المساهمين الأساسية حقهم الكامل في الحصول على نصيبهم من الأرباح التي تُقرر الجمعية العامة توزيعها سواءً كانت نقدًا أم عن طريق إصدار أسهم، وهو ما يُرسخ مبدأ المساواة المالية، ويُعد جزءًا جوهريًا من حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات.
كما أكدت المادة ذاتها على حق المساهم في الحصول على حصته من أصول الشركة عند التصفية، وهو حق لا ينفصل عن طبيعة الملكية في الشركات المساهمة، ويعكس التزامًا قانونيًا بمبدأ التوزيع العادل وفقًا لنصوص النظام.
وتضمنت المادة أيضًا حق المساهم في حضور الجمعيات العامة والخاصة، والمشاركة في مداولاتها، والتصويت على قراراتها، وهو ما يُعزز من حق الرقابة والمساءلة، ويُعد من الركائز الأساسية التي تُبنى عليها حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات.
ولم تهمل اللائحة الحق في التصرف في الأسهم بحرية، وضمن الحدود النظامية، بما يشمل البيع والشراء ونقل الملكية، مع التأكيد على الالتزام بأحكام نظام الشركات ونظام السوق المالية، وهي صياغة تُعزز من حماية المساهم من أي قيود تعسفية قد تُفرض خارج الإطار القانوني.
ومن بين الحقوق التي نصت عليها المادة الخامسة أيضًا، حق المساهم في طلب الاطلاع على دفاتر الشركة ووثائقها، بما في ذلك البيانات التشغيلية والاستراتيجية، بشرط ألا يُلحق ذلك ضررًا بالشركة أو يتعارض مع أحكام الأنظمة الأخرى، ويُعد هذا الحق من أبرز صور الشفافية التي تُشكل جزءًا لا يتجزأ من حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات.
كما أكدت المادة ذاتها على حق المساهم في مراقبة أداء مجلس الإدارة، ومساءلة أعضائه، ورفع دعوى المسؤولية في مواجهتهم عند وقوع الضرر، مما يجعل من المساءلة إحدى الضمانات المحورية التي تدعم حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات بصيغة واضحة وعملية.
ويضاف إلى ذلك حق المساهم في الأولوية بالاكتتاب في الأسهم الجديدة النقدية، ما لم تقرر الجمعية العامة غير العادية وقف هذا الحق وفقًا لما تنص عليه أحكام النظام، وهو حق جوهري يُحافظ على نسبة ملكية المساهمين ويُعزز من مشاركتهم في النمو الرأسمالي للشركة.
وأخيرًا، نصت المادة الخامسة على حقوق إجرائية مهمة مثل قيد الأسهم في سجل المساهمين، وطلب الاطلاع على نظام الشركة الأساس، وترشيح أعضاء مجلس الإدارة والتصويت عليهم، وهي حقوق إدارية تُكمل الإطار النظامي المتكامل الذي بُنيت عليه حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، بشكل يجعلها حزمة متماسكة من الحقوق الجوهرية، والمباشرة، والقابلة للتفعيل من خلال أدوات قانونية ونظامية واضحة ومُلزمة.
ثانيًا: كيف تضمن لائحة حوكمة الشركات عدالة التصويت في الجمعيات العامة؟
تكفل لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية تنظيمًا دقيقًا ومتكاملًا لآليات التصويت في الجمعيات العامة، بما يحقق أحد أبرز صور حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، وهي العدالة في اتخاذ القرار الجماعي داخل الشركة المدرجة. وقد بُني هذا التنظيم على عدد من المواد المتتالية من المادة العاشرة حتى المادة الخامسة عشرة، حيث فصّلت تلك المواد الضمانات المتعلقة بحضور المساهمين، وجدول الأعمال، وطريقة إدارة الاجتماعات، وآليات التصويت، والإفصاح عن النتائج.
وتبدأ هذه الحماية من المادة العاشرة، التي تُقرر بوضوح أن الجمعيات العامة تُعد الجهة العليا المختصة بجميع شؤون الشركة، وأنها تمثل جميع المساهمين، ما يمنحها صفة قانونية تجعل من قراراتها ملزمة للمجلس والإدارة التنفيذية، ويُشكل ذلك أحد ركائز حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، من حيث الاعتراف الصريح بسيادتهم داخل الهيكل التنظيمي للشركة.
ثم تنص المادة الحادية عشرة على اختصاصات الجمعية العامة غير العادية، والتي تتضمن إصدار قرارات حساسة تتعلق بتعديل نظام الشركة الأساس، وزيادة أو خفض رأس المال، وشراء الأسهم، وتغيير فئة الأسهم، وغيرها، وهي كلها قرارات لا يمكن اتخاذها إلا من خلال تصويت مساهمي الشركة، مما يُحيل مباشرة إلى ضرورة تكافؤ الأصوات، وعدم تهميش الأقلية، وتحقيق العدالة الإجرائية في التصويت.
وفي الإطار نفسه، تؤكد المادة الثانية عشرة على أن الجمعية العامة العادية تختص بعدد كبير من صلاحيات المساءلة والتعيين والترخيص، من بينها انتخاب أعضاء مجلس الإدارة، ومراقبة أدائهم، وتعيين مراجع الحسابات، والموافقة على الأرباح، ما يعني أن كل قرار جوهري في حياة الشركة مرهون بموافقة المساهمين، ضمن ما يُعرف بنطاق حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، والذي لا يُقيد أو يُقصى إلا وفقًا لما تنص عليه الأنظمة.
كما تنص المادة الثالثة عشرة على الشروط الإجرائية لعقد الجمعيات، وتحديد مواعيدها، والإعلان عنها، وجدول الأعمال، مع منح المساهمين حق اقتراح مواضيع للإدراج على جدول الأعمال بنسبة محددة، ويُعد هذا الحق من أبرز صور العدالة، إذ لا يُكتفى بمشاركة المساهم في التصويت، بل يُمكّن من صياغة القرار نفسه قبل التصويت عليه.
وتُعزز المادة الرابعة عشرة هذه الحماية، إذ تلزم مجلس الإدارة بالفصل بين البنود في جدول الأعمال، ومنع الجمع بين قرارات جوهرية تحت بند واحد، أو تمرير عقود فيها مصلحة لأعضاء المجلس دون فصل، وهو ما يُحقق الشفافية اللازمة لاتخاذ قرار تصويتي مستنير، ويضمن مبدأ العدالة في التصويت كجزء من حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات.
وأخيرًا، توضح المادة الخامسة عشرة آليات إدارة الجمعية العامة، وتفرض أن يُتاح للمساهمين الحق الكامل في التصويت والمناقشة دون تقييد، وتُلزم رئيس الجمعية بتمكينهم من ممارسة هذا الحق، وتوثيق المحاضر، والإفصاح عن النتائج، مما يجعل من التصويت أداة حقيقية للتعبير عن إرادة المساهمين، لا مجرد إجراء شكلي.
ثالثًا: ما حق المساهم في الاطلاع على البيانات والمعلومات وفقًا للائحة حوكمة الشركات؟
تُعد حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات من الحقوق النظامية الجوهرية التي كرستها هيئة السوق المالية السعودية بنصوص تفصيلية ملزمة، ومن أبرز هذه الحقوق حق المساهم في الاطلاع على البيانات والمعلومات المتعلقة بالشركة المدرجة، بما يضمن الشفافية، ويُعزز الرقابة الذاتية، ويُرسخ مكانة المساهم كشريك أصيل في صنع القرار.
وقد جاءت المادة السادسة من اللائحة لتؤكد على هذا الحق، بنصها على أن مجلس الإدارة يلتزم بتوفير المعلومات الكاملة والصحيحة وغير المضللة للمساهمين، على أن تكون مقدمة بوضوح، ومحدثة بانتظام، وفي الوقت المناسب، وبما يمكن المساهم من ممارسة حقوقه بكل دقة. وتُلزم ذات المادة الإدارة باستخدام أكثر الوسائل فعالية في التواصل مع المساهمين، مع ضرورة المساواة في إتاحة المعلومات، دون تمييز بين المساهمين من نفس الفئة، وهو ما يعكس أحد أهم أوجه حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات من حيث عدالة الاطلاع والتمكين من اتخاذ قرار مبني على معلومة دقيقة.
ثم جاءت المادة السابعة والثمانون لتوسع من نطاق الإفصاح، من خلال إلزام مجلس الإدارة بإدراج محتوى تفصيلي في تقريره السنوي، يشمل كل ما يؤثر في أعمال الشركة من بيانات مالية وغير مالية، إضافة إلى قرارات المجلس، وهيكل الحوكمة، والمخاطر، والمكافآت، وصفقات الأطراف ذوي العلاقة. وتُعد هذه البيانات من ضمن ما يحق للمساهم الاطلاع عليه، ضمن الإطار النظامي الذي تُرسخه حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، والذي لا يُقيد إلا بما يحفظ مصلحة الشركة وفقًا لنظام الشركات ونظام السوق المالية.
وفي الإطار ذاته، تنص المادة التاسعة والثمانون على أن مجلس الإدارة يلتزم بوضع سجل خاص بإفصاحات الأعضاء والإدارة التنفيذية، وتحديثه دوريًا، مع إتاحته للاطلاع من قبل المساهمين دون مقابل. ويُعد هذا التنظيم أحد الأدلة النظامية الدامغة على أن حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات لا تقتصر على المستندات العامة، بل تشمل سجلات الإفصاح الداخلي، طالما أنها لا تتعارض مع المصالح العليا للشركة أو الأنظمة ذات العلاقة.
وبذلك، يتضح من هذه النصوص أن الاطلاع على البيانات والمعلومات هو حق قانوني مكرّس بنصوص نظامية متعددة، تُفعله الشركة من خلال تقارير رسمية، وإفصاحات دورية، وسجلات مُحدثة، ومواقع إلكترونية، وآليات تواصل مباشرة، وجميعها منصوص عليها ضمن الإطار الحاكم لمفهوم حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، والذي يُمكّن المساهم من الرقابة، والمساءلة، والمشاركة الواعية في اتخاذ القرار.
رابعًا: كيف تنظم لائحة حوكمة الشركات مشاركة المساهمين في انتخاب مجلس الإدارة؟
نصت المادة الثامنة من لائحة حوكمة الشركات على أن من حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات التصويت على اختيار أعضاء مجلس الإدارة، وأوجبت على الشركة عند الدعوة إلى الجمعية العامة نشر معلومات المرشحين بشكل واضح، بما يشمل خبراتهم ومؤهلاتهم ووظائفهم الحالية والسابقة. ويُشترط ألا يُسمح بالتصويت إلا على الأسماء المعلنة التي تم الإفصاح عنها للمساهمين. كما تُلزم الشركة بإتاحة هذه المعلومات في مركزها الرئيس وعلى موقعها الإلكتروني، مما يعزز من قدرة المساهم على اتخاذ قرار انتخابي مدروس، ويكرّس مبدأ الشفافية.
أما المادة الثالثة عشرة من اللائحة، فقد دعمت هذا التنظيم من خلال تنظيم انعقاد الجمعيات العامة، ومنح المساهمين حق المشاركة فيها عبر وسائل التقنية الحديثة، كما ألزمت الشركة بتيسير مشاركة أكبر عدد من المساهمين، وتحديد المكان والزمان المناسبين، وتوفير المعلومات المتعلقة بجدول الأعمال بشكل مسبق. ويُعد ذلك من صور حماية حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، من خلال تعزيز المشاركة العادلة، وضمان عدم إقصاء أي مساهم عن ممارسة حقه في التصويت.
خامسًا: هل تُمكن لائحة حوكمة الشركات المساهمين من مساءلة الإدارة والمطالبة بالتعويض؟
تنص الفقرة السابعة من المادة الخامسة على أن من حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات مساءلة أعضاء مجلس الإدارة ورفع دعوى المسؤولية في مواجهتهم، والطعن ببطلان قرارات جمعيات المساهمين العامة والخاصة، وذلك وفقًا للشروط النظامية المحددة. ويُعد هذا النص صريحًا في تأكيد حق المساهم في المساءلة القانونية والمطالبة بالتعويض عند تحقق الضرر، مما يعزز من مبدأ الحوكمة القائم على الرقابة والمحاسبة.
كما تدعم المادة الثانية عشرة هذه الضمانات، إذ منحت الجمعية العامة العادية صلاحية مراقبة مدى التزام مجلس الإدارة بأحكام الأنظمة واللوائح ذات الصلة، والتحقق من الأضرار التي قد تنتج عن مخالفتها، وتحديد المسؤولية المترتبة عليها. ويُعد ذلك من أبرز أوجه حماية حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات، حيث لا تكتفي اللائحة بمنح الحق، بل تضع له آليات فعلية للتنفيذ والمساءلة، من خلال الجمعية العامة كجهة إشرافية نظامية.
ومن خلال هذين المسارين، تتجلى حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات في صورتها المتكاملة، سواء في المشاركة في صنع القرار أم في مراقبة من يُدير هذا القرار ومحاسبته، وفق ضمانات نظامية دقيقة تفرضها اللائحة وتدعمها الممارسة.
وختامًا،
يتبيّن من القراءة التحليلية الدقيقة لنصوص لائحة حوكمة الشركات الصادرة عن هيئة السوق المالية، أن حماية حقوق المساهمين في لائحة حوكمة الشركات لم تأتِ بصيغة إنشائية أو رمزية، بل عبر منظومة قانونية تفصيلية تضمن التفعيل العملي، وتربط كل حق بمسار نظامي محدد، وآلية واضحة للتنفيذ، وإطار رقابي يُعزّز من قوة تلك الحقوق ويصونها من التعطيل أو الإهمال. فقد أسّست اللائحة بنيانًا قانونيًا متكاملًا يمنح المساهم الحق في المشاركة، والمساءلة، والرقابة، والتقاضي، ضمن بيئة تنظيمية قائمة على العدالة والشفافية والمساءلة.
ولذلك، فإن التوصية العملية الجوهرية التي يُمكن استخلاصها من هذا المقال، تتمثل في ضرورة قيام الشركات المدرجة بوضع “دليل داخلي تفصيلي لحقوق المساهمين”، مستند إلى نصوص اللائحة، يُوزع على المساهمين ويُدمج ضمن سياسات الإفصاح، على أن يتضمن إجراءات ممارسة هذه الحقوق، والآليات الزمنية والفنية لكل إجراء، ومسؤولية كل إدارة عن تنفيذه، بما يُحوّل هذه الضمانات النظامية من نصوص مكتوبة إلى ممارسات مؤسسية متجذرة وراسخة وقابلة للقياس والتقويم الدوري.

2 Comments
biyorezonas
28 يونيو، 2025Sigara Bırakma | Kc Psikolojimoraterapi, sigara bıraktırma, Rezonans
vakum ambalaj
28 يونيو، 2025vakum ambalaj