يُعد الالتزام بإجراءات الإبلاغ عن الجرائم والمخالفات في نظام مكافحة التستر التجاري ركيزة أساسية لضمان تطبيق الأحكام النظامية بفعالية ودقة. وقد حدد النظام واللائحة التنفيذية آليات واضحة تستهدف تنظيم عملية تلقي البلاغات، بدءًا من تقديمها وفق ضوابط دقيقة، مرورًا بفحصها ومعالجتها من قبل الجهات المختصة، وصولًا إلى تحديد ضوابط منح المكافآت المالية للعاملين على كشف هذه الجرائم، ومعايير استحقاقها للمبلغين.
وتشمل إجراءات الإبلاغ قنوات متعددة تتيح للأفراد تقديم البلاغات بشكل رسمي، مما يسهم في رفع مستوى الكفاءة في الكشف عن المخالفات. كما أن تحديد متطلبات وضوابط تقديم البلاغات يهدف إلى ضمان اكتمال البيانات المقدمة ودقتها، وهو ما يسهم في تسريع عمليات الفحص والتحقيق واتخاذ الإجراءات النظامية المناسبة. ووفقًا لما نصت عليه الأحكام ذات الصلة، فإن كل بلاغ يخضع لآلية فحص متكاملة تتضمن تحليل البيانات المقدمة، واستيضاح أي معلومات إضافية عند الحاجة، والتأكد من استيفاء جميع المتطلبات اللازمة قبل اتخاذ أي إجراء بشأنه.
وتبرز أهمية الترتيب المنهجي لإجراءات الإبلاغ في تحقيق نتائج فعالة، حيث تتولى الجهات المختصة اتخاذ ما يلزم من تدابير حيال البلاغات الواردة إليها، مع إشعار المبلغين بنتائج بلاغاتهم بعد صدور الأحكام أو القرارات النهائية. علاوة على ذلك، فقد وضع النظام ضوابط دقيقة لمنح المكافآت المالية للعاملين على كشف الجرائم، إضافة إلى تحديد شروط ومعايير استحقاق المكافأة للمبلغين، مما يعزز من فاعلية إجراءات الإبلاغ ويضمن تحفيز الأفراد على تقديم معلومات دقيقة ومؤكدة تساهم في ضبط المخالفات.
وفي ظل هذه المنظومة المتكاملة، تصبح إجراءات الإبلاغ عنصرًا حاسمًا في ضبط مخالفات التستر التجاري، حيث تساهم القواعد التنظيمية المحددة في توفير إطار عمل واضح يسهل إجراءات الإبلاغ، ويدعم جهود الوزارة في مكافحة هذه الجرائم بفعالية وانضباط.

أولًا: ما هي آليات تلقي البلاغات عن مخالفات التستر التجاري؟
تُولي المملكة العربية السعودية أهمية كبيرة لمكافحة جرائم ومخالفات التستر التجاري، وذلك من خلال وضع آليات فعّالة لإجراءات الإبلاغ المتعلقة بهذه الجرائم. وحددت المادة الثانية عشرة من اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة التستر التجاري القنوات الرسمية التي يمكن من خلالها تقديم البلاغات، بهدف ضمان السرعة والجودة في التعامل معها.
-
الموقع أو البرنامج الإلكتروني المخصص لذلك:
وفّرت وزارة التجارة منصة إلكترونية مخصصة لتلقي البلاغات المتعلقة بالتستر التجاري (https://mc.gov.sa/ar/eservices/Pages/ServiceDetails). فيمكن للمبلغين تقديم بلاغاتهم عبر الموقع الرسمي للوزارة، أو عبر البريد الإلكتروني (cs@mc.gov.sa)، مما يتيح لهم تقديم المعلومات والوثائق المطلوبة بسهولة وسرعة.
-
الرقم الموحد لتلقي البلاغات:
خصصت الوزارة الرقم الموحد (1900) لاستقبال البلاغات الهاتفية. ويُمكّن هذا الرقم المبلغين من التواصل المباشر مع فريق مختص لتقديم بلاغاتهم والحصول على التوجيه اللازم.
-
فروع الوزارة:
يمكن للمبلغين زيارة أي من فروع وزارة التجارة المنتشرة في مختلف مناطق المملكة لتقديم بلاغاتهم بشكل شخصي. ويتيح هذا الخيار للمبلغين التفاعل المباشر مع موظفي الوزارة وتقديم المستندات أو الأدلة الداعمة للبلاغ.
ومن الجدير بالذكر أن الوزارة توفر تطبيق “بلاغ تجاري” كأحد الوسائل الإلكترونية لإجراءات الإبلاغ، مما يسهل على المبلغين تقديم بلاغاتهم ومتابعتها بكل يسر وسهولة.أسفل النموذج
ثانيًا: ما هي متطلبات وضوابط تقديم البلاغات عن مخالفات التستر التجاري؟
تعد إجراءات الإبلاغ عن جرائم ومخالفات التستر التجاري جزءًا أساسيًا في مكافحة هذه الظاهرة. ولتحقيق الفعالية في معالجة البلاغات، وضعت وزارة التجارة مجموعة من الضوابط والمتطلبات التي تضمن دقة المعلومات المقدمة وسرية هوية المبلّغين. ووفقًا للمادة الثالثة عشرة من اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة التستر التجاري، يتم تقييد البلاغات في سجل سري، مع اشتراط توفر بيانات محددة لبدء إجراءات الإبلاغ والضبط.
-
سرية البلاغات وحماية هوية المبلّغين:
تنص المادة الثالثة عشرة على ضرورة الحفاظ على سرية هوية المبلّغين، حيث يتم تسجيل البلاغات في سجل سري معد لهذا الغرض. وتأتي هذه الضوابط لضمان عدم تعرض المبلّغ لأي ضرر أو مضايقات نتيجة تقديمه للبلاغ، مما يعزز الثقة في إجراءات الإبلاغ.
-
المعلومات والبيانات المطلوبة في البلاغ:
لضمان جدية البلاغات وصحتها، حددت وزارة التجارة مجموعة من البيانات التي يجب أن يتضمنها البلاغ، وتشمل ما يلي:
-
مكان وزمان البلاغ
يجب أن يتضمن البلاغ تحديدًا دقيقًا لمكان وقوع المخالفة وزمان حدوثها.
-
معلومات المبلّغ
يتعين على المبلّغ تقديم اسمه بالكامل، ورقم هويته الشخصية، وعنوانه، ورقم هاتفه؛ وذلك لضمان التواصل معه عند الحاجة.
-
تفاصيل المنشأة المشتبه بها
يتطلب البلاغ تحديد اسم المنشأة المشتبه في تورطها في التستر التجاري، وأسماء الأشخاص المشتبه بهم، بالإضافة إلى وصف واضح لموقعها.
-
تفاصيل الواقعة:
يجب تقديم وصف واضح ومحدد للواقعة التي ورد عليها البلاغ، بحيث يشمل جميع المعلومات التي تعزز من إمكانية التحقق من صحتها.
-
الأدلة والوثائق الداعمة
من الضروري إرفاق أي معلومات أو وثائق يمكن الاستناد إليها في بدء إجراءات ضبط الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في النظام، بما في ذلك الأدلة أو القرائن التي تدعم البلاغ.
ثالثًا: ما هي إجراءات فحص ومعالجة البلاغات عن مخالفات التستر التجاري؟
تعد إجراءات الإبلاغ عن مخالفات التستر التجاري خطوة أولى في رصد المخالفات واتخاذ التدابير القانونية اللازمة لمكافحتها. ووفقًا لما ورد في المادتين الرابعة عشرة والخامسة عشرة من اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة التستر التجاري، تتولى وزارة التجارة مسؤولية فحص ومعالجة البلاغات الواردة إليها وفق إجراءات منظمة تضمن الدقة والفعالية.
-
فحص ودراسة البلاغات والشكاوى:
بموجب المادة الرابعة عشرة، تتولى الوزارة فحص ودراسة جميع الشكاوى والبلاغات والإحالات المتعلقة بمخالفات التستر التجاري. وتشمل هذه العملية تقييم البيانات والوثائق والمعلومات المقدمة، بالإضافة إلى المعلومات التي تحصلت عليها الوزارة من مصادرها المختلفة.
وفي إطار إجراءات الإبلاغ، تمتلك الوزارة صلاحية التواصل مع مقدم البلاغ من أجل الاستيضاح بشأن أي معلومات قد تكون ضرورية لاستكمال الدراسة. كما يحق لها طلب أي بيانات أو وثائق إضافية ذات صلة، سواء من المبلّغ أم من الجهات المختصة؛ لضمان تحقيق أعلى درجات الدقة في معالجة البلاغات.
علاوة على ذلك، تتيح المادة الرابعة عشرة للوزارة الاستعانة بأي جهات تراها ضرورية عند الحاجة، ما يمكنها من الحصول على المعلومات المطلوبة وتحقيق التكامل بين الجهات ذات الصلة في معالجة البلاغات.
-
اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال البلاغات:
بعد الانتهاء من مرحلة الفحص والدراسة، تتخذ الوزارة الإجراءات المناسبة لمعالجة البلاغات، وذلك وفقًا لما نصت عليه المادة الخامسة عشرة من اللائحة التنفيذية. وتشمل هذه الإجراءات التحقق من صحة المعلومات المقدمة، واتخاذ الخطوات النظامية اللازمة لضبط المخالفات وإحالة القضايا إلى الجهات المعنية.
وتعد السرعة والدقة في تنفيذ إجراءات الإبلاغ ومعالجة البلاغات عنصرًا أساسيًا لضمان تطبيق النظام بفعالية. ولهذا، تلتزم الوزارة بإشعار المبلّغ بنتيجة بلاغه بمجرد اكتساب الحكم أو القرار الصفة النهائية، مما يضمن شفافية الإجراءات ويوفر للمبلّغين معلومات حول مصير البلاغات المقدمة.
-
ضمان كفاءة وفعالية معالجة البلاغات:
تقوم الوزارة بتطبيق منهجية دقيقة في التعامل مع البلاغات لضمان عدم تكرارها أو تأخيرها. ويشمل ذلك متابعة سير البلاغات وفق إجراءات الإبلاغ النظامية، والتأكد من تنفيذها بكفاءة وفق المعايير المحددة.
رابعًا: ما هي ضوابط منح المكافآت المالية للعاملين على كشف مخالفات التستر التجاري؟
تعد مكافحة التستر التجاري من الأولويات التنظيمية التي تسعى الجهات المختصة إلى تعزيزها من خلال وضع آليات تحفيزية للكشف عن هذه المخالفات. ومن هذا المنطلق، نصت الفقرة السادسة من المادة السادسة من نظام مكافحة التستر التجاري على منح مكافآت مالية للعاملين على كشف الجرائم والمخالفات المنصوص عليها في النظام، وفقًا لقواعد تصدر بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح من الوزير.
ويتطلب منح المكافآت المالية توفر مجموعة من الضوابط التي تضمن تحقيق الغاية من هذه الحوافز، وتشمل هذه الضوابط ما يلي:
- أن يكون المستفيد من المكافأة مشاركًا فعليًا في كشف المخالفة: يجب أن يكون الشخص الممنوح له المكافأة قد أسهم بفعالية في تقديم معلومات دقيقة وقابلة للتحقق تسهم في ضبط المخالفات.
- استناد المكافأة إلى معايير محددة: تصدر القواعد المنظمة للمكافآت لتحديد النسب والمبالغ المستحقة، بحيث يتم توزيعها وفقًا لمستوى إسهام الفرد في كشف المخالفة.
- اعتماد قرار منح المكافأة من الجهة المختصة: يتم صرف المكافآت بناءً على إجراءات إدارية دقيقة، تشمل مراجعة وتقييم المعلومات المقدمة والتأكد من استحقاقها وفق الضوابط المعتمدة.
خامسًا: ما هي شروط ومعايير استحقاق المكافأة المالية للمبلغين عن مخالفات التستر التجاري؟
يعد منح المكافآت المالية للمبلغين عن مخالفات التستر التجاري آلية تنظيمية تهدف إلى تحفيز الأفراد على تقديم معلومات دقيقة تسهم في ضبط المخالفات والحد منها. وقد حددت اللائحة التنفيذية لنظام مكافحة التستر التجاري مجموعة من الضوابط التي تضمن استحقاق المكافأة وفق معايير محددة، وذلك وفقًا لما ورد في المادتين السادسة عشرة والسابعة عشرة من اللائحة، بالإضافة إلى الفقرة الثانية من المادة الثامنة عشرة من النظام.
-
شروط استحقاق المكافأة المالية:
بموجب المادة السادسة عشرة، لا يستحق المبلّغ المكافأة إلا بعد تحقق مجموعة من الشروط الأساسية، وهي:

-
صلاحية المعلومات المقدمة في البلاغ
يجب أن تكون المعلومات التي يقدمها المبلغ صالحة للاستناد إليها في البدء في إجراءات الضبط والتحقيق، أي أنها يجب أن تتضمن أدلة أو قرائن كافية تدعم فتح التحقيق في المخالفة.
-
اكتساب الحكم أو القرار الصفة النهائية
لا يتم صرف المكافأة إلا بعد صدور حكم نهائي بثبوت الجريمة أو المخالفة، أو اكتساب القرار الصفة النهائية بعد استكمال جميع إجراءات التقاضي.
-
عدم تورط المبلّغ في الجريمة أو المخالفة
يُشترط ألا يكون المبلغ مدانًا في الجريمة أو المخالفة محل البلاغ، مما يعني أن المكافأة تُمنح فقط للأفراد الذين ليس لهم صلة مباشرة بارتكاب المخالفة.
-
تحصيل الغرامة من المدان
يتم استحقاق المكافأة المالية فقط بعد قيام الوزارة بتحصيل الغرامة المفروضة على المدان بارتكاب المخالفة، وهو ما يضمن ارتباط المكافأة بفعالية البلاغ في تحقيق نتائج ملموسة.
-
معايير تحديد مقدار المكافأة المالية:
وفقًا للمادة السابعة عشرة، يتم تحديد مقدار المكافأة بناءً على عدة عوامل، من أبرزها:
-
أهمية البيانات المقدمة ومدى الاستفادة منها
كلما كانت المعلومات المقدمة أكثر تفصيلًا وأهمية في كشف المخالفة، زادت احتمالية منح مكافأة مالية أعلى.
-
مدى مساهمة المعلومات في إجراءات الضبط والتحقيق
يعتمد مقدار المكافأة أيضًا على مدى الاستفادة من المعلومات المقدمة في بدء إجراءات الإبلاغ وضبط الجريمة أو المخالفة.
-
آلية تقسيم المكافأة في حال تعدد المبلّغين
في حال وجود أكثر من مبلّغ عن المخالفة نفسها، يتم توزيع المكافأة المالية وفق ضوابط تحددها الوزارة لضمان العدالة في منحها.
-
الحد الأقصى للمكافأة وآلية صرفها:
تنص الفقرة الثانية من المادة الثامنة عشرة من النظام على أن المكافأة المالية تُمنح بقرار من وزير التجارة، على ألا تتجاوز 30% من الغرامة المحصلة عن المخالفة. كما تشترط هذه المادة أن يكون المبلغ من غير المختصين بتطبيق أحكام النظام؛ لضمان أن المكافآت موجهة لمن يقوم بالإبلاغ من خارج الجهات المعنية بالرقابة.
وفي ضوء ما تقدم،
يتضح أن إجراءات الإبلاغ عن الجرائم والمخالفات في نظام مكافحة التستر التجاري تشكل منظومة متكاملة تتضمن مراحل متعددة، بدءًا من آليات تلقي البلاغات، ومرورًا بمتطلبات وضوابط تقديمها، وانتهاءً بفحصها ومعالجتها وفق معايير قانونية دقيقة. كما أن تنظيم عملية منح المكافآت المالية للعاملين على كشف هذه الجرائم، إلى جانب تحديد شروط ومعايير استحقاق المكافآت للمبلغين، يسهم في تعزيز فعالية إجراءات الإبلاغ ويحفز الأفراد على تقديم معلومات دقيقة تدعم جهود ضبط المخالفات. ومن خلال التطبيق الدقيق لإجراءات الإبلاغ، يتم تحقيق مستوى عالٍ من الدقة والشفافية، مما يضمن التعامل مع البلاغات بكفاءة ويعزز من دور الوزارة في مكافحة التستر التجاري بفاعلية وانضباط. وإن الالتزام بهذه المنظومة القانونية المتكاملة لا يقتصر على تحسين استجابة الجهات المختصة للبلاغات فحسب، بل يساهم أيضًا في تعزيز بيئة تجارية قائمة على النزاهة والامتثال، حيث تؤدي إجراءات الإبلاغ دورًا محوريًا في كشف المخالفات وفق الأطر النظامية المعتمدة.