تشكل مزايا قواعد المستفيد الحقيقي إطارًا تنظيميًا متقدمًا يعزز من شفافية الشركات ويضع معايير دقيقة للإفصاح عن الأشخاص الذين يملكون السيطرة الفعلية عليها. وتمتد مزايا قواعد المستفيد الحقيقي إلى مجالات متعددة، بدءًا من تعزيز الامتثال للمعايير الدولية، وصولًا إلى إنشاء سجل دقيق يحتوي على بيانات المستفيدين الحقيقيين. كما أن هذه القواعد تسهم في تبسيط إجراءات الإفصاح، وتضمن الاحتفاظ بالبيانات وتحديثها بصورة منتظمة، مما يرسخ بيئة تنظيمية أكثر كفاءة ودقة.
وإن مزايا قواعد المستفيد الحقيقي لا تقتصر على الشفافية فحسب، بل تشمل أيضًا تيسير عمليات التحقق من هوية المستفيدين، مع توفير آليات لحفظ سرية هذه البيانات وعدم إتاحتها إلا للجهات المختصة. كما تتيح القواعد إعفاءات لبعض الكيانات وفق ضوابط محددة، مما يوفر مرونة في تطبيقها وفقًا لطبيعة الشركات المختلفة. ومن بين مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، توفير قاعدة بيانات إلكترونية متكاملة تسجل جميع المعلومات ذات الصلة بالمستفيدين الحقيقيين، مما يسهل عملية المتابعة والإفصاح عند الحاجة.
علاوة على ذلك، فإن مزايا قواعد المستفيد الحقيقي تشمل إلزام الشركات بتحديث بيانات المستفيد الحقيقي سنويًا، وإبلاغ المستفيدين بأي تغييرات قد تطرأ على بياناتهم، مما يضمن دقة وسلامة المعلومات المتاحة لدى الجهات التنظيمية. كما أن عدم فرض رسوم مالية على قيد بيانات المستفيد الحقيقي يمثل أحد العناصر التي تجعل الامتثال لهذه القواعد أكثر سهولة ووضوحًا.
ومن هذا المنطلق، فإن مزايا قواعد المستفيد الحقيقي تتجلى في تعزيز الامتثال القانوني، وتوفير بيئة تنظيمية متماسكة تحافظ على بيانات المستفيدين الحقيقيين، وتضمن سرية المعلومات وفق الضوابط المحددة. ومن خلال هذا المقال، سيتم استعراض وتحليل أبرز مزايا قواعد المستفيد الحقيقي في الشركات الخاضعة لأحكام نظام الشركات الصادرة بقرار وزير التجارة رقم (235) وتاريخ 13/8/1446هـ، مع التركيز على الجوانب التي تسهم في تحقيق الامتثال الفعّال لهذه القواعد.

أولًا: رفع مستوى شفافية الشركات، وتعزيز الامتثال للمتطلبات الدولية، وبناء قاعدة بيانات لتسجيل وحفظ بيانات المستفيد الحقيقي
تنص المادة الثانية من القرار الوزاري على مجموعة من الأهداف التي تسعى القواعد إلى تحقيقها، والتي تشمل رفع مستوى الشفافية، وتعزيز الامتثال للمعايير الدولية، وإنشاء قاعدة بيانات لحفظ بيانات المستفيد الحقيقي. وتعد مزايا قواعد المستفيد الحقيقي جزءًا أساسيًا من هذا الإطار التنظيمي، حيث تهدف إلى إرساء آليات واضحة تضمن الإفصاح الدقيق عن هياكل الملكية والسيطرة.
-
رفع مستوى شفافية الشركات:
تسهم قواعد المستفيد الحقيقي في تحقيق مستوى عالٍ من الشفافية داخل الشركات، من خلال إلزامها بالإفصاح عن هوية الأشخاص الذين يمتلكون السيطرة الفعلية عليها. ويشمل ذلك تسجيل بيانات المستفيد الحقيقي وإتاحتها للجهات المختصة عند الحاجة. ويعزز هذا النهج من وضوح هياكل الملكية والسيطرة، مما يحد من مخاطر التلاعب بالملكية أو استخدام الشركات كواجهات غير شفافة، وهو ما يعكس بوضوح مزايا قواعد المستفيد الحقيقي في تحقيق تنظيم محكم للبيانات وضمان دقة المعلومات المسجلة.
-
تعزيز الامتثال للمتطلبات الدولية:
تمت صياغة القواعد بما يتوافق مع توصيات مجموعة العمل المالي (FATF) وأفضل الممارسات الدولية، مما يدعم جهود المملكة في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فمن خلال تبني هذه المعايير، تسهم القواعد في مواءمة الأنظمة المحلية مع الالتزامات الدولية، مما يعزز من مكانة المملكة في التصنيفات العالمية للشفافية والامتثال المالي. ويعد هذا الامتثال أحد الركائز الجوهرية التي تدعم مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث يسهم في جعل بيئة الأعمال أكثر مصداقية واستقرارًا.
-
تكوين قاعدة بيانات لحفظ بيانات المستفيد الحقيقي:
تشترط القواعد إنشاء سجل خاص بكل شركة يُحفظ فيه بيانات المستفيد الحقيقي، بما يضمن توفر معلومات دقيقة ومحدثة عن هياكل الملكية والسيطرة. ويمثل هذا الإجراء خطوة مهمة في تسهيل الرقابة والمتابعة من قبل الجهات المختصة، ويضمن إمكانية الوصول السريع إلى البيانات عند الحاجة، وفقًا للأنظمة واللوائح ذات الصلة. ويعزز هذا النهج من فعالية الحوكمة، حيث توفر مزايا قواعد المستفيد الحقيقي أداة تنظيمية تضمن وجود معلومات موثوقة ودقيقة تساعد في تحسين الامتثال التنظيمي داخل الشركات.
ثانيًا: بيان المعايير الأساسية لتحقق وصف المستفيد الحقيقي
تحدد المادة الرابعة من القرار الوزاري المعايير التي يتم بموجبها تصنيف الشخص الطبيعي كمستفيد حقيقي، وتشمل هذه المعايير ما يلي:
-
معايير تحديد المستفيد الحقيقي:
يُعد الشخص الطبيعي مستفيدًا حقيقيًا إذا تحقق فيه أحد الشروط التالية:
- امتلاك 25% أو أكثر من رأس مال الشركة، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر.
- السيطرة على 25% أو أكثر من إجمالي حقوق التصويت في الشركة.
- القدرة على تعيين أو عزل مدير الشركة أو أغلبية أعضاء مجلس إدارتها.
- التأثير المباشر أو غير المباشر في أعمال الشركة أو قراراتها.
- التمثيل النظامي لشخصية اعتبارية تنطبق عليها المعايير السابقة.
ويمثل تحديد هوية المستفيد الحقيقي عنصرًا جوهريًا ضمن مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث يسهم في الحد من أي لبس يتعلق بالسيطرة الفعلية على الشركات، ويعزز من وضوح الهياكل المؤسسية.
-
تحديد المستفيد الحقيقي في غياب المعايير المذكورة:
في حال عدم تحقق أي من المعايير أعلاه، تعتبر إدارة الشركة أو رئيس مجلس إدارتها أو أحد أعضائه هو المستفيد الحقيقي، وفقًا لما تحدده طبيعة الشركة وهيكلها الإداري. وتضمن هذه القاعدة عدم وجود أي ثغرات قانونية قد تسمح بإخفاء الهوية الفعلية للأفراد المسيطرين، وهو ما يرسخ أحد أهم مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، المتمثل في تعزيز الشفافية والحد من التلاعب بهياكل الملكية.
ثالثًا: وجود دليل إرشادي يساعد الشركات على الامتثال لمتطلبات الإفصاح
بهدف تسهيل عملية الامتثال للقواعد الجديدة، نصت المادة السابعة من القرار الوزاري على إلزام وزارة التجارة بإعداد دليل إرشادي يوضح الإجراءات التي يتعين على الشركات اتباعها لتحديد المستفيد الحقيقي، وجمع بياناته، والإفصاح عنها، والاحتفاظ بها. ويعد هذا الدليل أحد مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث يساهم في توجيه الشركات نحو أفضل الممارسات لضمان الامتثال الكامل.
-
مساعدة الشركات على تحديد المستفيد الحقيقي:
يشمل الدليل الإرشادي توضيحات تفصيلية حول كيفية تحديد المستفيد الحقيقي، لا سيما في الحالات التي تكون فيها هياكل الملكية معقدة أو متعددة المستويات. كما يوضح الدليل كيفية تتبع الملكية غير المباشرة، لضمان الكشف عن جميع الأشخاص الذين يمارسون السيطرة الفعلية على الشركة، وهو ما يعكس أحد أهم مزايا قواعد المستفيد الحقيقي في توفير آليات فعالة لمنع أي محاولات للتلاعب بالبيانات.
-
تسهيل عملية الإفصاح عن بيانات المستفيد الحقيقي:
يوفر الدليل الإرشادي إرشادات حول كيفية جمع البيانات المطلوبة وتقديمها إلى الوزارة، بما يضمن الامتثال للقواعد دون تعقيد الإجراءات الإدارية. كما يساعد في توضيح المتطلبات الخاصة بالوثائق والمستندات التي يجب تقديمها لضمان دقة البيانات، مما يعزز الشفافية والوضوح.
-
الاحتفاظ ببيانات المستفيد الحقيقي:
تُلزم القواعد الشركات بالاحتفاظ ببيانات المستفيد الحقيقي بشكل منتظم وتحديثها عند حدوث أي تغييرات. ويساعد الدليل الإرشادي في تحديد الآليات التي يمكن استخدامها لضمان استمرارية هذا التحديث وفقًا للأنظمة، وهو ما يؤكد إحدى مزايا قواعد المستفيد الحقيقي في توفير إطار رقابي شامل يضمن دقة البيانات وتحديثها باستمرار.
رابعًا: تيسير إجراءات الإفصاح عن بيانات المستفيد الحقيقي
تنص المادة الخامسة من القرار الوزاري على إلزام الشركات بالإفصاح عن بيانات المستفيد الحقيقي عند التأسيس أو عند تحديث السجل التجاري. ويهدف هذا الإجراء إلى توحيد متطلبات الإفصاح مع إجراءات تأسيس الشركات أو التأكيد السنوي للسجل التجاري، مما يسهم في تبسيط الإجراءات وتقليل الأعباء الإدارية على الشركات. كما تلتزم الشركات بتقديم البيانات المطلوبة خلال الفترة المحددة؛ لضمان تحديث السجلات التجارية بمعلومات دقيقة. وتعد هذه النقطة إحدى مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث تتيح للشركات إجراءات موحدة تسهل الامتثال التنظيمي وتعزز من دقة الإفصاح.
خامسًا: تمكين الشركات من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحديد المستفيد الحقيقي وفقًا لطبيعتها وحجمها
وفقًا للمادة الخامسة، تلتزم الشركات باتخاذ التدابير المعقولة لتحديد المستفيد الحقيقي، وذلك بناءً على طبيعة أعمالها وحجمها. ويشمل ذلك إعداد سجل خاص يتضمن بيانات المستفيد الحقيقي والوثائق الداعمة لهذه البيانات. كما تتيح القواعد مرونة في تحديد الأشخاص الذين يملكون السيطرة الفعلية على الشركة، بما يتناسب مع طبيعة هيكل الملكية الخاص بها. ويعكس هذا الجانب إحدى مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث توفر القواعد إطارًا مرنًا يسمح للشركات بتطبيق المتطلبات وفقًا لهياكلها المؤسسية المختلفة، مما يضمن تحقيق الامتثال بطريقة أكثر كفاءة ودقة.
سادسًا: إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية لتسجيل بيانات المستفيد الحقيقي
تُحدد المادة الثامنة من القرار الوزاري آلية إنشاء قاعدة بيانات إلكترونية تشمل بيانات الشركات المقيدة لدى السجل التجاري وبيانات المستفيد الحقيقي. ويضمن هذا النظام الرقمي توفر المعلومات المطلوبة للجهات المختصة، مما يعزز من فعالية متابعة الالتزامات التنظيمية. وتشمل البيانات المسجلة معلومات الهوية، والعناوين، ووسائل الاتصال، وتاريخ تحقق وصف المستفيد الحقيقي. وتعد هذه القاعدة الإلكترونية أحد أبرز مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث توفر منصة متكاملة تتيح الوصول الفوري إلى المعلومات الدقيقة، مما يسهل عملية التحقق من بيانات المستفيدين الحقيقيين بفعالية وكفاءة.
سابعًا: الحفاظ على صحة ودقة وحداثة بيانات المستفيد الحقيقي
تنص المادة الخامسة على ضرورة التحديث المستمر لبيانات المستفيد الحقيقي، من خلال التأكيد السنوي للبيانات أو عند حدوث أي تغيير جوهري فيها. وتلتزم الشركات بالتقدم إلى الوزارة بطلب تحديث بيانات المستفيد الحقيقي خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ التغيير، مما يضمن دقة البيانات المخزنة لدى الجهات التنظيمية. كما يُلزم القرار الشركات بتقديم تأكيد سنوي لبيانات المستفيد الحقيقي عند حلول تاريخ استحقاقه، وفقًا لما هو محدد في السجل التجاري.

ثامنًا: التزام الشركات بتقديم الإفصاحات المطلوبة خلال المدة المحددة
بموجب المادة السابعة، يجوز للوزارة طلب الإفصاح عن أي بيانات تتعلق بالمستفيد الحقيقي، وعلى الشركات الاستجابة لهذه الطلبات خلال خمسة عشر يومًا. كما تنظم القواعد آلية التبليغ الإلكتروني للمستفيد الحقيقي بشأن تسجيل بياناته أو تحديثها، مما يعزز من دقة وشفافية المعلومات المتاحة.
تاسعًا: الحفاظ على سرية سجل المستفيد الحقيقي
وفقًا للمادة العاشرة، تتخذ الوزارة التدابير اللازمة لضمان سرية سجل المستفيد الحقيقي، بحيث لا يكون متاحًا إلا للجهات الرقابية والسلطات المختصة، وذلك وفقًا لما تنص عليه الأنظمة ذات العلاقة. ويهدف هذا الإجراء إلى حماية بيانات المستفيد الحقيقي من أي استخدام غير مشروع، مما يعزز من أمن المعلومات وخصوصيتها داخل البيئة التجارية.
عاشرًا: إعفاء بعض الشركات من متطلب الإفصاح عن المستفيد الحقيقي
تنص المادة السادسة على إعفاء بعض الشركات من متطلبات الإفصاح، وتشمل الشركات التي تؤول ملكيتها بالكامل إلى الدولة أو أحد أجهزتها الاعتبارية، وكذلك الشركات التي تخضع لإجراءات التصفية وفقًا لنظام الإفلاس. كما يتيح القرار للوزير إمكانية إصدار قرارات بإعفاء شركات إضافية وفقًا للضوابط المحددة. ويمثل هذا الإعفاء أحد مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، حيث يخفف الأعباء التنظيمية عن الشركات التي لا تحتاج إلى الإفصاح بموجب طبيعتها القانونية.
الحادي عشر: تحديد مدة الاحتفاظ ببيانات المستفيد الحقيقي
تؤكد المادة التاسعة على التزام الوزارة بحفظ بيانات سجل المستفيد الحقيقي لمدة خمس سنوات بعد زوال صفة المستفيد الحقيقي أو شطب قيد الشركة لدى السجل التجاري. ويتيح هذا الإجراء إمكانية العودة إلى هذه البيانات عند الحاجة، مما يعزز من كفاءة المراقبة والمتابعة التنظيمية.
الثاني عشر: تبليغ المستفيد الحقيقي إلكترونيًا عن بياناته
بموجب المادة السابعة، تلتزم الوزارة بإبلاغ المستفيد الحقيقي إلكترونيًا عبر الهاتف المحمول أو البريد الإلكتروني بكل ما يتعلق ببياناته، بما في ذلك أي تحديثات تطرأ عليها. ويساهم هذا التبليغ في ضمان وعي المستفيد الحقيقي ببياناته المسجلة لدى الوزارة، وتمكينه من متابعة أي تغييرات تطرأ عليها في الوقت المناسب.
الثالث عشر: عدم فرض رسوم مالية على قيد بيانات المستفيد الحقيقي
تُحدد المادة الخامسة التزامات الشركة، بما في ذلك تأكيد البيانات المفصح عنها سنويًا. ومن بين مزايا قواعد المستفيد الحقيقي، عدم فرض أي رسوم مالية على قيد بيانات المستفيد الحقيقي لدى الوزارة أو على تأكيدها السنوي، مما يخفف من الأعباء المالية على الشركات ويشجع على الامتثال دون تكبد تكاليف إضافية.
وفي نهاية المقال
يمكن القول إن مزايا قواعد المستفيد الحقيقي تعكس التزامًا واضحًا بتعزيز الشفافية داخل الشركات، وتنظيم بيانات الملكية والسيطرة بما يضمن امتثالًا دقيقًا للمعايير القانونية والتنظيمية. فقد أتاحت هذه القواعد آليات متكاملة تسهم في توحيد إجراءات الإفصاح، وإنشاء سجل رقمي يتيح الاحتفاظ بالبيانات وتحديثها بصورة مستمرة. كما أن توفير الحماية القانونية للبيانات، إلى جانب إعفاء بعض الكيانات من متطلبات الإفصاح، يعكس مرونة هذه القواعد في التطبيق، مما يعزز من بيئة الأعمال. وإن التزام الشركات بتنفيذ مزايا قواعد المستفيد الحقيقي يرسخ مفهوم الامتثال المؤسسي، ويدعم إجراءات الحوكمة، ويضمن الحفاظ على سرية البيانات مع إتاحتها للجهات المختصة عند الحاجة. وإن اعتماد هذه القواعد بمتطلباتها التفصيلية لا يسهم فقط في تعزيز الامتثال التنظيمي، بل يجعل بيئة الأعمال أكثر أمانًا وكفاءة، وهو ما يعكس مكانة هذه القواعد كأداة فعالة في تحقيق الشفافية والاستدامة داخل الشركات.
