شهر الإفلاس و4 شروط له وفقًا لنظام الإفلاس السعودي

شهر الإفلاس و4 شروط له وفقًا لنظام الإفلاس السعودي

اهم العناويين

يتطلب شهر الإفلاس توافر شروط أربعة أساسية، تتكامل فيما بينها لتحديد مدى استحقاق المدين للخضوع لإجراءات الإفلاس. فتبدأ هذه الشروط بضرورة تقديم طلب إشهار الإفلاس من ذي صفة، حيث يقتصر الحق في تقديم الطلب على الدائن أو المدين الذي تتوافر فيه الشروط المحددة قانونًا. كما يشترط أن يتمتع المدين بصفة التاجر، باعتبار أن نظام الإفلاس يهدف بالأساس إلى تنظيم الأنشطة التجارية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد. ولا يُعلن الإفلاس إلا بصدور حكم قضائي يثبت الحالة، مما يمنح المحكمة دورًا محوريًا في تحقيق العدالة وحماية الحقوق. وأخيرًا، يُعد التوقف عن دفع الديون الشرط الأبرز، إذ يعكس العجز الحقيقي للمدين عن الوفاء بالتزاماته التجارية.

ومن خلال هذا المقال، نستعرض بالتفصيل هذه الشروط الأربعة التي نص عليها نظام الإفلاس السعودي، مسلطين الضوء على الأبعاد القانونية لكل شرط ودوره في تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المتنازعة. وذلك على النحو الآتي:

شروط شهر الإفلاس
شروط شهر الإفلاسشروط شهر الإفلاس

الشرط الأول: تقديم طلب إشهار الإفلاس من ذي صفة

إشهار الإفلاس يُعتبر من الإجراءات القانونية المهمة التي تهدف إلى تنظيم التعامل مع حالات التعثر المالي وحماية الأطراف المتأثرة به. وصاحب المصلحة في دعاوى الإفلاس، هو الدائن أو المدين. ويتيح النظام للمدين الحق في التقدم بطلب إشهار إفلاسه للمحكمة، وفقًا للشروط المنصوص عليها في نظام الإفلاس.

 

شروط تقديم طلب إشهار الإفلاس من قبل المدين

وفقًا للمادة الثالثة عشرة من نظام الإفلاس، يحق للمدين التقدم للمحكمة بطلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية في الحالات التالية:

  1. احتمال التعثر المالي: إذا كان المدين يُرجّح أن يعاني من اضطرابات مالية قد تؤدي إلى تعثره، مما يستدعي التدخل لمنع تفاقم الأزمة.
  2. التعثر الفعلي: إذا كان المدين متعثرًا ولم يتمكن من الوفاء بالتزاماته المالية في مواعيد استحقاقها.
  3. الإفلاس: إذا كان المدين مفلسًا، أي أن ديونه تتجاوز أصوله.

ومع ذلك، فإن النظام يضع قيدًا يمنع المدين من التقدم بطلب التسوية الوقائية إذا كان قد خضع لهذا الإجراء أو لإجراء التسوية الوقائية لصغار المدينين خلال الاثني عشر شهرًا السابقة لتقديم الطلب.

 

التسوية الوقائية: الإجراء الأول في نظام الإفلاس

يُعدّ إجراء التسوية الوقائية أيسر إجراءات الإفلاس، وهو يهدف إلى تمكين المدين من التفاوض مع دائنيه للتوصل إلى اتفاق لإعادة جدولة ديونه دون الحاجة إلى اللجوء إلى إجراءات أكثر تعقيدًا. وتأتي التسوية الوقائية كأحد إجراءات المنصوص عليها في المادة الثانية من النظام، وهي:

  1. التسوية الوقائية.
  2. إعادة التنظيم المالي.
  3. التصفية.
  4. التسوية الوقائية لصغار المدينين.
  5. إعادة التنظيم المالي لصغار المدينين.
  6. التصفية لصغار المدينين.
  7. التصفية الإدارية.

دور التسوية الوقائية في تحقيق أهداف الإفلاس

إجراء التسوية الوقائية يعكس رؤية النظام السعودي التي تركز على دعم المدينين المتعثرين وإتاحة الفرصة لهم لاستعادة نشاطهم الاقتصادي. ويُعتبر هذا الإجراء أداة رئيسية لحماية الأطراف المتأثرة، وتعزيز استقرار الاقتصاد الوطني، وتحقيق التوازن بين حقوق الدائنين والمدينين.

الشرط الثاني: صفة التاجر

يشكل الإفلاس إحدى الأدوات القانونية المهمة لتنظيم النشاط الاقتصادي في أي دولة، حيث يسعى إلى حماية التوازن بين حقوق الدائنين والمدينين، وإعادة ترتيب أوضاع المدين المتعثر. إلا أن تطبيق نظام الإفلاس يقتصر عادة على فئة محددة من الأشخاص الذين يحملون صفة قانونية تؤهلهم للدخول تحت مظلة هذا النظام، وفي مقدمة هذه الفئات التاجر.

صفة التاجر
صفة التاجر

من هو التاجر؟

يُعرف التاجر بأنه كل من يزاول على وجه الاحتراف، باسمه ولحسابه الخاص، عملًا تجاريًا. وتمتد هذه الصفة لتشمل:

  • من يحترف التجارة باسم مستعار أو مستترًا خلف شخص آخر.
  • الشخص الذي يظهر أمام الغير بمظهر التاجر، حتى لو كان يمارس التجارة لحساب الغير؛ لأن هذا الظهور يُعدّ بمثابة التزام أمام المتعاملين.

 

شروط اكتساب صفة التاجر

لاكتساب صفة التاجر، يجب أن تتوافر في الشخص عدة شروط، هي:

  1. احتراف القيام بالأعمال التجارية: يشير الاحتراف إلى الاشتغال بالأعمال التجارية بصورة مستمرة ومنتظمة، واتخاذها مهنة رئيسية بهدف الكسب.
  2. مباشرة الأعمال التجارية على وجه الاستقلال: يجب أن يمارس التاجر أعماله التجارية مستقلًا، متحملًا وحده مخاطر النشاط التجاري؛ لأن التجارة تعتمد على عنصر الائتمان، الذي يقوم على المسؤولية الشخصية للتاجر.
  3. الأهلية التجارية: تتطلب صفة التاجر أن يكون الشخص بالغًا وعاقلاً، دون أن يعاني من عوارض الأهلية كالجنون أو السفه أو العته. ورغم ذلك، يمكن أن يُكتسب الشخص صفة التاجر حتى لو كان ممنوعًا قانونًا من مزاولة التجارة، مثل المحامي أو الموظف الحكومي، إذا احترف الأعمال التجارية.

 

التاجر وشهر الإفلاس وفقًا للنظام السعودي

اعتمد النظام السعودي في تنظيم الإفلاس رؤية شاملة توسعت لتشمل فئات مختلفة، ليس فقط التجار بالمعنى التقليدي. فوفقًا للمادة الرابعة من نظام الإفلاس السعودي، تسري أحكام الإفلاس على:

  1. الشخص الطبيعي الذي يمارس أعمالاً تجارية أو مهنية أو أعمالًا تهدف إلى تحقيق الربح داخل المملكة.
  2. الشركات التجارية والمهنية والكيانات الأخرى المسجلة في المملكة، والتي تهدف إلى تحقيق الربح.
  3. المستثمر غير السعودي، سواء كان شخصًا طبيعيًا أم اعتباريًا، إذا كان يملك أصولًا أو يمارس نشاطًا تجاريًا أو مهنيًا في المملكة من خلال منشأة مرخصة.
    ومع ذلك، فإن إجراءات الإفلاس تطبق فقط على الأصول الموجودة داخل المملكة.

الهدف من اشتراط صفة التاجر

يشترط النظام صفة التاجر لضمان انسجام تطبيق إجراءات الإفلاس مع طبيعة النشاط التجاري الذي يقوم على المخاطرة والائتمان. ويهدف ذلك إلى:

  • حماية المتعاملين التجاريين من آثار تعثر المدين.
  • تعزيز الثقة في النظام التجاري والاقتصادي للدولة.
  • ضمان أن المدين الذي يخضع للإفلاس هو من ينتمي فعليًا للنشاطات التي تستدعي هذا الإجراء.

 

الشرط الثالث: صدور حكم بشهر الإفلاس

يُعد صدور حكم بشهر الإفلاس من المحطات الأساسية لإعمال نظام الإفلاس، حيث يهدف إلى تنظيم الإجراءات المتعلقة بالمدين المتعثر وضمان حماية حقوق الدائنين. ويمثل الحكم القضائي بشهر الإفلاس البداية الرسمية لإجراءات الإفلاس، بما يتطلبه من شروط قانونية وإجراءات محكمة تُنفذ من قبل الجهات القضائية المختصة.

 

الاختصاص القضائي في إصدار الحكم بشهر الإفلاس

وفقًا للقواعد القانونية، يجب أن يصدر حكم الإفلاس عن محكمة مختصة نوعيًا ومحليًا. وفي نظام الإفلاس السعودي، تُناط هذه المهمة بالمحكمة التجارية المختصة. كما أوضحت المادة (15) من نظام الإفلاس السعودي الإجراءات الواجب اتباعها لإصدار حكم الإفلاس، مما يعكس الدقة والتفصيل في التنظيم القضائي لهذه الإجراءات.

 

إجراءات صدور الحكم بشهر الإفلاس

حدد النظام الخطوات الإجرائية اللازمة لإصدار حكم الإفلاس، وهي تشمل:

  1. تحديد موعد للنظر في الطلب: تلتزم المحكمة بتحديد جلسة للنظر في طلب افتتاح إجراء التسوية الوقائية خلال مدة لا تتجاوز أربعين يومًا من تاريخ قيد الطلب. ويجب تبليغ المدين بموعد الجلسة في غضون خمسة أيام من تاريخ القيد.
  2. استدعاء الجهات ذات الصلة: للمحكمة، سواء من تلقاء نفسها أو بناءً على طلب المدين أو أحد الدائنين، استدعاء أي جهة أو فرد لديه معلومات أو وثائق متعلقة بطلب الإفلاس، مع إلزامه بتزويد المحكمة بما تطلبه.
  3. تبليغ الدائنين: يُلزم المدين بإبلاغ الدائنين المحددين في المقترح بحكم المحكمة، وإيداع نسخة من الحكم في سجل الإفلاس لضمان الشفافية والوضوح.

 

محتويات الحكم بشهر الإفلاس

يشتمل حكم الإفلاس على مجموعة من البيانات الأساسية التي تُثبت الحالة وتحدد آليات التنفيذ، ومنها:

  • إثبات حالة الوقف عن الدفع مع توضيح الأسباب التي استندت إليها المحكمة في استخلاص هذه الحالة.
  • الأمر بشهر الإفلاس.
  • تعيين قاضٍ ليكون مأمورًا للتفليسة، وأمين للتفليسة للإشراف على الإجراءات.
  • إصدار أمر بوضع الأختام على أموال المدين لضمان حماية أصول التفليسة.

 

حجية حكم الإفلاس

يمتاز حكم الإفلاس بحجية مطلقة تتجاوز الأطراف المباشرة للخصومة. فمتى صدر حكم الإفلاس، اعتُبر المدين مفلسًا تجاه جميع دائنيه، سواء كانوا أطرافًا في دعوى الإفلاس أم لا. كما أن هذا الحكم يشمل ذمة المدين بالكامل، بما في ذلك أمواله الحالية والمستقبلية، سواء اتصلت بتجارته أم لم تتصل.

 

أهمية الحكم بشهر الإفلاس

يمثل الحكم بشهر الإفلاس أداة قانونية تهدف إلى حماية الدائنين وتنظيم أصول المدين لضمان توزيع عادل وشامل. كما يوفر إطارًا قانونيًا للتعامل مع وضع المدين بما يتماشى مع مبدأ العدالة والشفافية، مما يعزز استقرار البيئة التجارية ويحقق التوازن بين المصالح المختلفة.

الشرط الرابع: التوقف عن دفع الديون

يُعتبر التوقف عن دفع الديون أحد الشروط الأساسية لشهر الإفلاس في الأنظمة القانونية، بما في ذلك نظام الإفلاس السعودي. وتتمثل أهمية هذا الشرط في كونه يعكس الحالة المالية الحقيقية للمدين، ويحدد مدى استحقاق الدائنين لإجراءات الإفلاس لحماية حقوقهم. ومع ذلك، فإن التوقف عن الدفع ليس مجرد امتناع بسيط عن الوفاء بالدين، بل هو حالة معقدة تتطلب تحقق عدة شروط وتقييم دقيق من قبل المحكمة.

 

مفهوم التوقف عن دفع الديون

التوقف عن الدفع، وفقًا للتعريف القانوني، هو عجز التاجر عن سداد دين تجاري حالّ ومستحق الأداء في موعد استحقاقه. ومع ذلك، لا يُعد كل امتناع عن السداد توقفًا يجيز شهر الإفلاس. فإذا كان المدين يملك أموالًا كافية لسداد ديونه، لكن اختار المماطلة أو الكيد لدائنيه، فإن هذا الامتناع لا يرقى إلى التوقف عن الدفع الذي يستدعي الإفلاس. وفي هذه الحالات، يُمكن للدائنين اللجوء إلى الحجز الفردي للحصول على حقوقهم وفقًا للقواعد العامة.

 

كما أن التوقف عن الدفع قد يكون مرتبطًا بمنازعات قانونية بشأن الدين، مثل النزاع حول طبيعة الدين (تجاري أو مدني)، أو موعد استحقاقه، أو مقداره، أو حتى وجوده في ذمة المدين. وفي هذه الحالة، لا يُعتد بالتوقف عن الدفع إذا أثبت المدين وجود أساس جدي للنزاع، إذ لا يُمكن اعتبار المدين متوقفًا عن السداد إلا إذا كان تعثره حقيقيًا وليس عابرًا.

 

شروط الدين الذي يستدعي شهر الإفلاس

لإعلان الإفلاس، يجب أن يتوافر في الدين المُستحق شروط معينة، تشمل:

  1. أن يكون الدين تجاريًا: يُشترط أن يكون الدين ذا صفة تجارية وقت التوقف عن الدفع؛ لأن الإفلاس نظام يُطبق على التجار فقط. إذا فقد الدين صفته التجارية لأي سبب، مثل تجديده ليُصبح دينًا مدنيًا، فإن ذلك يحول دون شهر الإفلاس.
  2. أن يكون الدين حال الأداء وخاليًا من النزاع: يجب أن يكون الدين مستحق الأداء وغير مؤجل، وثابتًا في ذمة المدين بمقدار معلوم وخاليًا من أي نزاع جوهري. فإذا أثار المدين نزاعًا جديًا حول الدين، كأن ينازع في وجوده أو مقداره أو موعد استحقاقه، فلا يجوز للمحكمة أن تُصدر حكمًا بشهر الإفلاس إلا إذا ثبت أن النزاع غير قائم على أساس قانوني متين.

 

دور المحكمة في تقدير التوقف عن الدفع

تقع مسؤولية تقييم حالة التوقف عن الدفع على عاتق المحكمة المختصة، التي تُجري فحصًا دقيقًا للأوضاع المالية للمدين وظروف التوقف. وتهدف المحكمة إلى التحقق مما إذا كان التوقف ناجمًا عن تعثر حقيقي يؤدي إلى تهديد حقوق الدائنين، أو أنه مجرد تعثر عابر، مثل نقص السيولة مع وجود أصول كافية لسداد الديون.

 

أهمية التوقف عن الدفع في نظام الإفلاس

يُعد شرط التوقف عن الدفع عنصرًا محوريًا في نظام الإفلاس، حيث يهدف إلى حماية الدائنين من تعسف المدينين وضمان توزيع عادل ومنظم للأصول في حالة الإفلاس. كما يُعتبر هذا الشرط أداة قانونية لتحقيق التوازن بين مصالح الدائنين والمدينين، مع مراعاة وجود منازعات جدية قد تُعطل إعلان الإفلاس بشكل غير مبرر.

 

وفي نهاية المقال

يشكل نظام الإفلاس السعودي إطارًا قانونيًا متينًا، يهدف إلى تنظيم حالات التعثر المالي والإفلاس بطريقة تحمي مصالح جميع الأطراف وتعزز استقرار البيئة الاقتصادية. وإن الشروط الأربعة التي تحكم شهر الإفلاس وفق هذا النظام، ليست مجرد متطلبات إجرائية، بل هي أدوات تضمن تحقيق العدالة، وتجنب إساءة استخدام إجراءات الإفلاس أو استغلالها بما يضر بحقوق الدائنين أو يعوق إعادة هيكلة الأوضاع المالية للمدينين.

وبتحديد معايير دقيقة، مثل صفة التاجر وصدور حكم قضائي من المحكمة المختصة، أرسى النظام السعودي أسسًا واضحة لإجراءات الإفلاس، مما يجعله نموذجًا للتشريعات التي تهدف إلى المواءمة بين الحقوق الفردية والمصلحة العامة. كما أن اشتراط التوقف الحقيقي عن دفع الديون يُبرز التزام النظام بالتأكد من وجود حالة إفلاس حقيقية تستدعي التدخل، وليس مجرد أزمات مالية عابرة.

وبذلك، فإن نظام الإفلاس السعودي، بما يتضمنه من شروط محكمة لشهر الإفلاس، يُظهر حرص المملكة على تعزيز الثقة في النظام المالي والاقتصادي، وخلق بيئة قانونية شفافة وداعمة للنمو والاستدامة. إنه نظام ينظر إلى الإفلاس ليس فقط كأزمة تحتاج إلى إدارة، ولكن كفرصة لإعادة البناء وإعادة التنظيم بما يخدم الاقتصاد الوطني والمجتمع ككل.

 

المراجع

للتواصل معنا

شهر الإفلاس و4 شروط له وفقًا لنظام الإفلاس السعودي
شهر الإفلاس و4 شروط له وفقًا لنظام الإفلاس السعودي
شارك المقالة :

الكلمات المفتاحية

اترك تعليقك

Post Your Comment