الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة

الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة

اهم العناويين

تُمثل حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية السعودي إحدى الركائز التشريعية الدقيقة التي صاغها المنظّم بعناية لحماية الإبداع الهندسي الإلكتروني، من خلال بناء إطار نظامي متكامل يوازن بين ابتكارات المصممين وحقوق المستخدمين، ويضمن في الوقت ذاته تأمين مخرجات الجهد الذهني من التعدي والاستغلال غير المشروع. وقد جاء نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة ليمنح هذا النوع من التصميمات غطاءً قانونيًا محكمًا، يُحافظ على أصالة الابتكار ويصونه في جميع مراحله، بدءًا من التصور التخطيطي، ومرورًا بمرحلة التصنيع، وانتهاءً بتداوله في الأسواق.

وتكمن أهمية هذا التنظيم في كونه لا يقتصر على تعريف ماهية التصميمات أو شروط تسجيلها، بل يتعدى ذلك إلى رسم حدود دقيقة لحقوق مالك التصميم، وتحديد صور التعدي الموجبة للمساءلة النظامية، مع تفصيل دقيق للعقوبات المقررة، والاستثناءات المشروعة، والقيود المنظمة لهذه الحقوق، بما يرسّخ الحماية القانونية للتصميمات ضمن إطار متزن وشفاف. ويظهر ذلك جليًا من خلال النصوص الواردة في النظام ولائحته التنفيذية، التي تمثل منظومة مترابطة من الأحكام التي تكفل للمصمم بيئة قانونية آمنة، وللمستثمر الثقة في التعامل، وللجهات القضائية والإدارية مرجعية دقيقة لحسم المنازعات المرتبطة بحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة.

الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة
الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة

أولًا: ما المقصود بالدارة المتكاملة والتصميم التخطيطي وفقًا لنظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية السعودي؟

يتضح من الإطار النظامي أن نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة قد وضع تعريفات قانونية دقيقة ومحددة لكل من الدارة المتكاملة والتصميم التخطيطي باعتبارهما من العناصر الأساسية التي تخضع للحماية النظامية، وتندرج ضمن نطاق حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة التي كفلها هذا النظام بشكل دقيق.

فوفقًا للتعريف الوارد في النظام، فإن الدارة المتكاملة هي: منتج يكون الغرض منه أداء وظيفة إلكترونية، تشكل فيه العناصر – ويكون أحدها على الأقل نشطًا – وجميع الوصلات، أو بعضها، شكلًا متكاملًا في قطعة من المادة أو عليها، سواء في شكله النهائي أم الوسيط. ويُستفاد من هذا النص أن التكوين البنيوي للدارة المتكاملة يتسم بالتكامل الفيزيائي للعناصر الإلكترونية، بما في ذلك المكونات النشطة مثل الترانزستورات، والمكونات السلبية مثل المقاومات والمكثفات، وهو ما يعكس ارتباطها البنيوي والوظيفي داخل شريحة واحدة، مما يجعلها قابلة للتسجيل والحماية.

أما التصميم فيُقصد به: الترتيب الثلاثي الأبعاد لعناصر دارة متكاملة، على أن يكون أحد تلك العناصر على الأقل نشطًا، ولجميع الوصلات، أو بعضها، أو الترتيب الثلاثي الأبعاد المعد لدارة متكاملة بغرض التصنيع. ويُفهم من هذا التعريف أن التصميم التخطيطي لا يشمل العناصر المادية فحسب، بل يتجاوزها إلى الطريقة المكانية التي تم بها ترتيب تلك العناصر داخل الدارة، بما يعكس نواحي الابتكار والدقة التقنية والهندسية المتقدمة، وبالتالي يكون هذا الترتيب في ذاته قابلًا للحماية، متى توافرت فيه المتطلبات الشكلية والنظامية اللازمة.

وتجدر الإشارة إلى أن حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة لا تقتصر على المنتج المادي النهائي فحسب، بل تمتد لتشمل حتى التصاميم المعدة بغرض التصنيع، مما يدل على حرص النظام على توسيع نطاق الحماية ليشمل الجانب التخطيطي والإبداعي للتكوين الإلكتروني، قبل وصوله إلى مرحلة الإنتاج الفعلي.

كما أنه وفقًا لنصوص النظام، فإن مجرد وجود عنصر نشط واحد داخل الدارة أو التصميم يكفي لإدخالها في نطاق حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، وهو ما يعكس معيارًا موضوعيًا تم اعتماده لضمان شمولية مفهوم حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة. ويعني هذا أن التصميم الذي يحتوي على عناصر إلكترونية مرتبة بطريقة محددة بغرض أداء وظيفة إلكترونية معينة، يكون محميًا بموجب النظام، متى استوفى الشروط النظامية للتسجيل.

 

ثانيًا: ما شروط منح شهادة التصميم التخطيطي وفقًا لنظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية السعودي؟

حدد نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة واللائحة التنفيذية له، ضوابط دقيقة لمنح شهادة التصميم التخطيطي لدارة متكاملة، بما يعزز من إطار حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، ويضمن توفير حماية نظامية قوية للجهود الابتكارية في هذا المجال المتقدم.

فقد نصّت المادة التاسعة والأربعون من النظام على أنه: “يجوز طلب تسجيل التصميم لدارة متكاملة إذا لم يكن التصميم قد استغل استغلالًا تجاريا بعد، أو كان موضع استغلال تجاري فترة لا تتجاوز السنتين في أي مكان في العالم”. ويفيد هذا النص بوضوح بأن من الشروط الجوهرية لقبول طلب الحماية ألا يكون التصميم قد دخل طور الاستغلال التجاري لفترة تتجاوز الحد المنصوص عليه، الأمر الذي يعكس التوازن بين حفظ الحقوق ودرء الاستغلال غير المشروع.

أما المادة الخمسون من النظام، فقد اشترطت أن يكون التصميم أصيلًا، وهو ما يعني أن يكون نتيجة جهد فكري بذله المصمم بنفسه، وأن يكون غير مألوف لمبتكري التصميمات وصانعي الدارات المتكاملة عند ابتكاره. وقد وسّع النظام نطاق حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة ليشمل حتى التصميمات المكونة من عناصر مألوفة، بشرط أن يكون الترتيب العام لها مبتكرًا ومميزًا في مجموعه، ما دام ناتجًا عن جهد فكري مستقل.

وتُستكمل الشروط الفنية لتقديم الطلب في المادة الثامنة عشرة من اللائحة التنفيذية، والتي نصّت على سبعة متطلبات رئيسية، تبدأ بـ:

الشروط الفنية لمنح شهادة التصميم التخطيطي
الشروط الفنية لمنح شهادة التصميم التخطيطي
  1. تعبئة نموذج طلب شهادة تصميم تخطيطي مخصص لهذا الغرض.
  2. إرفاق وصف دقيق وواضح للتصميم، يبيّن الوظيفة الإلكترونية التي تؤديها الدارة.
  3. تقديم رسمة أو صورة واضحة للتصميم، مع السماح بحجب تفاصيل التصنيع عند اللزوم، بشرط أن تظل كافية لتحديد التصميم.
  4. إرفاق عينة من الدارة المتكاملة إذا كانت قد استُغلّت تجاريًا، بناءً على طلب الإدارة.
  5. التأكد من أن كل الوثائق أصلية أو مصدق عليها رسميًا.
  6. سداد المقابل المالي للإيداع.
  7. الاستجابة لكافة المتطلبات التي تطلبها الإدارة المتعلقة بالطلب.

 

كما أوجبت المادة التاسعة عشرة من اللائحة التنفيذية على مقدم الطلب أن يستوفي عناصر جوهرية عند تعبئة نموذج الطلب، تشمل:

  • اسم التصميم (مختصر ومحدد).
  • تاريخ ومكان أول استغلال تجاري، إذا وجد.
  • بيانات مقدم الطلب ومبتكر التصميم بترتيب دقيق ومطابق للهوية الرسمية.
  • بيانات الوكيل القانوني وفقًا لأصول الوكالة المعتمدة داخل المملكة أو من ممثلياتها الخارجية.
  • قائمة بالمرفقات المرفقة مع النموذج، مع تحديد عدد صفحاتها رقمًا وكتابة.
  • توقيع إقرار قانوني من مقدم الطلب أو وكيله بصحة جميع البيانات الواردة.

ويُعد استيفاء هذه الاشتراطات النظامية والإجرائية شرطًا أساسيًا لنفاذ حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، وركيزة لضمان حماية فعّالة للابتكار التقني، كما أنه يُسهم في بناء بيئة قانونية واضحة وشفافة تحكم تسجيل التصميمات التخطيطية.

 

ثالثًا: ما الحقوق التي يتمتع بها مالك التصميم التخطيطي؟

تتمحور حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في النظام السعودي حول تمكين مالك شهادة التصميم من التمتع بجملة من الحقوق النظامية الحصرية، تضمن له السيطرة الكاملة على استغلال تصميمه داخل المملكة، وتحول دون الاعتداء عليه بأي شكل غير مشروع.

فقد نصت المادة الحادية والخمسون من نظام براءات الاختراع والتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة على أن للمالك الحق في رفع دعوى أمام اللجنة المختصة ضد أي شخص ينتهك تصميمه التخطيطي دون موافقة كتابية منه، ويُعد ذلك التعدي موجبًا للمساءلة النظامية عند تحقق أحد صور الاستغلال المحظورة نظامًا.

ووفقًا للمادة ذاتها، فإن صور الاستغلال غير المشروع تشمل ما يلي:

  • الاستنساخ الكامل أو الجزئي للتصميم، ويشمل ذلك دمجه في دارة متكاملة أو استخدامه بأي وسيلة أخرى. ويُشترط في الجزء المستنسخ أن يكون أصيلًا، أي أنه يحمل من خصائص الإبداع ما يميّزه عن التكوينات التقليدية الشائعة. مع ذلك، لا يدخل ضمن هذا التعدي الاستنساخ لأغراض شخصية أو علمية، مثل البحث العلمي أو التعليم أو التقويم، وهو ما يحقق توازنًا دقيقًا بين حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة وبين متطلبات البيئة المعرفية والبحثية.
  • الاستيراد أو البيع أو التوزيع للتصميم نفسه أو لدارة متكاملة يتضمنها، سواء بشكل مباشر أم غير مباشر. بل ويمتد نطاق الحظر أيضًا إلى أي سلعة تحتوي على دارة متكاملة تحمل ذلك التصميم، إذا كان هذا التصميم قد تم نسخه بطريقة غير مشروعة. وهنا تتجلى مظلة حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في أوسع صورها، حيث لم تقتصر على التصاميم المعزولة، بل شملت المنتجات التي تُدمج فيها التصاميم بطريقة مادية.

وتأسيسًا على ذلك، فإن حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في النظام السعودي لا تقتصر على صورة واحدة من صور التعدي، بل تغطي مختلف جوانب الاستغلال الصناعي والتجاري، بدءًا من الفعل الابتدائي المتمثل في النسخ، وانتهاءً بالأفعال اللاحقة كالتوزيع والتسويق والتداول التجاري.

ويلاحظ أن الحق في رفع الدعوى المنصوص عليه في المادة المذكورة لا يُمنح لمالك التصميم فحسب، بل يمتد أيضًا إلى كل ذي مصلحة، وهو ما يتيح هامشًا واسعًا لحماية الحقوق النظامية في حالات التعدي المتعددة، لا سيما في البيئات الصناعية المعقدة التي تشترك فيها عدة أطراف في الاستغلال أو الاستثمار أو التصنيع.

 

رابعًا: ما هي القيود والاستثناءات النظامية على حقوق مالك التصميم التخطيطي؟

تُعد حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة من أبرز صور الحماية النظامية التي كفلها النظام السعودي عبر تنظيم دقيق ومتوازن بين الحقوق المقررة لمالك شهادة التصميم وبين القيود والاستثناءات التي ترد على هذه الحقوق، بما يحقق الاستقرار في المعاملات الفنية والتجارية، ويمنع الاحتكار المفرط للمكونات التقنية ذات الطبيعة المتداخلة.

وبالرجوع إلى المادة الثانية والخمسين من النظام، فإن نطاق حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة لا يشمل كافة أوجه التعامل مع التصميم، بل يقتصر على الأفعال التي تُمارس لأغراض تجارية فقط، مما يعني أن أي استخدام للتصميم لأغراض غير تجارية لا يخضع للحماية المقررة لمالك الشهادة. كما لا يمتد نطاق حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة إلى التصميمات المماثلة التي يتم ابتكارها بصورة مستقلة وأصيلة من قبل أشخاص آخرين دون استعانة مباشرة أو غير مباشرة بالتصميم المحمي. ومن القيود الجوهرية أيضًا، أن الحقوق النظامية الممنوحة لا تشمل التصميمات الناتجة عن التحليل أو التقويم الفني للتصميم المحمي، ولو كانت مماثلة له من حيث التكوين العام، ما دامت قد نتجت عن مجهود إبداعي لاحق متميز ومستقل، ويُستثنى كذلك من حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة أي دارة متكاملة تتضمن هذه التصميمات المستقلة.

 

أما فيما يتعلق بالاستثناءات المتعلقة بالتداول غير المقصود للتصميمات المنسوخة، فقد نظّمت المادة الثالثة والخمسون من النظام هذا الجانب بشكل دقيق، حيث قررت أن الأعمال المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة الحادية والخمسين لا تُعد تعديًا متى كان من باشرها أو أمر بها يجهل أو لا يملك سببًا معقولًا للعلم عند استلامه للدارة المتكاملة أو السلعة المتضمنة لها بأنها تحتوي على تصميم منسوخ بطريقة غير نظامية. وفي هذه الحالة، يجوز له الاستمرار في استخدام أو توزيع أو بيع الكميات التي بحوزته أو التي طلبها قبل تلقيه إشعارًا صريحًا من مالك شهادة التصميم بوجود تعدٍ، لكن يظل ملزمًا بدفع تعويض عادل يقدّر من قبل اللجنة المختصة، بالاستناد إلى المعايير المعروفة في التراخيص التعاقدية.

وبذلك، تتضح الصورة الدقيقة التي رسمها النظام السعودي لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، حيث أقر هذه الحماية القانونية بشكل قوي ومنضبط، مع مراعاة التوازن الضروري بين حقوق مالك التصميم وبين المصالح المشروعة للغير. وقد تجلّت الحماية القانونية للتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في إطار واضح من خلال تحديد الحقوق التجارية التي يملكها صاحب الشهادة، ومن ثم رسم حدود تلك الحقوق بنصوص نظامية مانعة لأي غموض أو لبس، وأخيرًا توضيح الحالات التي تخرج من نطاق التعدي رغم وجود نسخ غير مشروعة، مراعاة لحسن النية أو الجهل المشروع في بعض المواقف التجارية الواقعية.

 

ولا تقف حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة عند حد المنح الرسمي للشهادة، بل تمتد لتشمل منظومة من القيود المحسوبة والاستثناءات المنظمة التي تُرسخ الثقة القانونية لدى المستثمر والمصمم والمستهلك على السواء، وتضمن أن تُمارس الحماية القانونية للتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في إطار من العدالة والشفافية. ومن ثم، فإن الالتزام بتلك النصوص وتفسيرها تفسيرًا دقيقًا يُعد ركيزة أساسية في إنفاذ الحماية القانونية للتصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة بما يحقق التوازن المنشود بين الابتكار وحماية الحقوق وحسن النية في المعاملات.

 

خامسًا: ما مدى سلطة مالك شهادة التصميم في مواجهة التعدي؟ وما العقوبات النظامية المقررة لحماية التصميمات التخطيطية؟

تمنح الأنظمة السعودية حماية قانونية خاصة لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، تُكرّس من خلال منح مالك الشهادة سلطة قانونية نافذة لمواجهة أي تعدٍ يقع على التصميم المملوك له. وتنص المادة الحادية والخمسون من النظام، على أن لمالك شهادة التصميم الحق في رفع دعوى أمام اللجنة المختصة ضد أي شخص يستغل تصميمه دون موافقته داخل المملكة، ويُعد استغلالًا للتصميم – وفق هذا النص – القيام بأي من الأعمال التالية: أولًا، استنساخ التصميم بالكامل أو أي جزء أصيل منه، سواء بإدماجه في دارة متكاملة أم بأي وسيلة أخرى، مع استبعاد الحالات التي يكون فيها الاستنساخ لغرض شخصي أو بحثي أو تعليمي أو تحليلي أو تقييمي، حيث لا يعد ذلك تعديًا. وثانيًا، استيراد أو بيع أو توزيع التصميم أو أي دارة متكاملة مدمج فيها ذلك التصميم، بل ويُعد التعدي قائمًا حتى لو تم ذلك على منتج يحتوي دارة متكاملة تتضمن تصميمًا منسوخًا بطريقة غير مشروعة.

وإضافة إلى ما سبق، تُعزّز الحماية القانونية لمالك شهادة التصميم من خلال ما تقرره المادة الرابعة والثلاثون من ذات النظام من تدابير عقابية ومدنية صارمة، إذ تعتبر أي عمل من أعمال الاستغلال التي تقع دون موافقة كتابية مسجلة من مالك وثيقة الحماية – بما فيها استغلال التصميمات التخطيطية – تعديًا صريحًا، يجيز لمالك الوثيقة أو لأي ذي مصلحة أن يطلب من اللجنة المختصة منع التعدي والحصول على التعويض اللازم. وتمتد سلطة اللجنة إلى توقيع غرامة لا تتجاوز مائة ألف ريال على المتعدي، مع إمكانية مضاعفتها في حال التكرار، وفي حال رأت اللجنة أن التعدي يستوجب السجن، فإنها تُحيل الأمر إلى ديوان المظالم. كما يجوز للجنة اتخاذ تدابير عاجلة لمنع الضرر، مع إلزام المحكوم عليه بنشر القرار الصادر ضده في الجريدة الرسمية، والنشرة، وصحيفتين يوميتين على نفقته الخاصة.

وهكذا، فإن الحماية القانونية لبراءة الاختراع، ولا سيما في إطار حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة، لا تقتصر على مجرد منح شهادة تسجيل، وإنما تُكرَّس في سلطات قانونية فعلية تُمكّن المالك من مقاومة التعدي وحماية استثماراته الابتكارية بكفاءة. وهذه الحماية لا تقتصر على الإجراءات القضائية، بل تشمل أيضًا العقوبات الإدارية والمالية التي تسري على كل من يتعدى على هذه الحقوق بغير وجه حق.

وتتجلى حماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة من خلال الجمع المتكامل بين الآليات الإجرائية التي تحمي حق الملكية، والعقوبات الرادعة التي تمنع الإضرار بهذا الحق. ويُعد هذا التوازن القانوني المتين من أبرز ملامح القوة في المنظومة النظامية السعودية الحديثة، وهو ما يؤكد أهمية الإلمام الدقيق بهذه الضوابط لكل من يتعامل في قطاع الابتكار التقني والالكتروني.

 

     وختامًا،

يتّضح أن الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة في النظام السعودي قد جاءت بإطار قانوني متماسك يوفّر حماية احترافية وشاملة لكل مرحلة من مراحل الابتكار، من لحظة تخطيط التكوين الإلكتروني إلى لحظة دمجه وتداوله في الأسواق، مع تحديد دقيق للحقوق، وصور التعدي، والقيود والاستثناءات، والجزاءات النظامية. ولا يكتفي هذا التنظيم المنضبط بتأمين الملكية، بل يُرسّخ الثقة التشريعية لدى المبتكر والمستثمر في آنٍ واحد، ويُشكل دعامة قوية لتطوير بيئة إلكترونية إبداعية آمنة. وفي ضوء ذلك، فإن التوصية المستخلصة من هذا المقال تتمثل في ضرورة تبني الشركات التقنية والمصممين إجراءات داخلية دقيقة لتوثيق كل مرحلة من مراحل إعداد التصميم التخطيطي، مع المسارعة إلى تسجيله رسميًا متى استوفى شروط الأصالة والاستغلال، ضمانًا لتمتّعه بالحماية النظامية الكاملة .

للتواصل معنا

الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة
الضوابط النظامية لحماية التصميمات التخطيطية للدارات المتكاملة
شارك المقالة :

الكلمات المفتاحية

اترك تعليقك

Post Your Comment